الجمعة، 3 أبريل 2020

أهمية التعليم المتعدد اللغات

أهمية التعليم المتعدد اللغات
* اللغات المتعددة:
إن تعدد اللغات يُعد مصدر قوة وفرصة للبشرية، فهو يجسد التنوع الثقافي لدول العالم ويشجع تبادل وجهات النظر، ويجدد الأفكار ويوسع قدرة الأفراد على التصور.
وتشجع منظمة اليونيسكو الدول على اعتماد تعليم ثنائي أو متعدد اللغات قائم على اللغة الأم، ويشير التعليم المتعدد اللغات بالنسبة لليونسكو إلى إدراج ثلاث لغات على الأقل في التعليم، أي اللغة الأم، ولغة إقليمية أو وطنية، ولغة عالمية. وقد اعتمدت منظمة اليونسكو في عام 1999 عبارة "التعليم المتعدد للغات/Multilingual Education" حيث أكدت على أهمية التعليم باستخدام اللغة الأم في السنوات الأولى من التعليم المدرسي.

* أهمية التعليم المتعدد اللغات:
تشير نتائج الأبحاث إلى أن التعليم الثنائي أو متعدد اللغات القائم على اللغة الأم تعليم ذو تأثير إيجابي على التعلم وعلى نتائجه، وفى الوقت ذاته تركز نتائج الدراسات على أهمية التدريس باللغة الأم، ولا سيما في المرحلة الابتدائية حيث غيابها يؤثر بالسلب على نمو الطلاب اللغوي والعاطفي وولائهم للغتهم وثقافتهم، وهذا ما تؤكده كثير من الدراسات الأجنبية والعربية التي تلح على أن اللغة الأم هي الأساس في التعليم.
أهمية التعليم المتعدد اللغات
أفضل سن للبدء في تعلم لغة ثانية - بحسب ما يشير إليه خبراء التعليم - هي بين سن 10 - 12 سنة، فإذا تم البدء قبل ذلك فإن العملية التعليمية غالبا ما تكون بطيئة وغير مُجدية، وإتقان الطفل لأكثر من لغة يكسبه قدرات على التحليل والربط والقياس والاستنتاج والتفكير والتعبير عن المفاهيم بطريقة مختلفة يتقنها نتيجة تعلمه لغتين، وهذا ما لا يتوفر للتلميذ الذي يتعلم لغة واحدة.
إن تعلم المزيد من اللغات، يطور أداء الدماغ بشكل ملحوظ. فالأطفال متعددي اللغات يمكنهم التعامل بيسر مع العالم من حولهم، والأكثر من هذا أن عقولهم تصبح أكثر مرونة من عقول نظرائهم في العمر وفي المدرسة.
أهمية التعليم المتعدد اللغات
ويقول عالم اللغويات (نوعام شومسكي/Noam Chomsky): "إن البرامج التعليمية التي تتبنى أسلوب التعليم باللغة الأم ثم بلغة ثانية أجنبية فيما بعد قد أثبتت نجاحا ملحوظا في كثير من مناطق العالم، كما أنها حققت نتائج إيجابية مهمة سواء على الصعيد النفسي والاجتماعي والتربوي، وذلك لأنها تقلل من آثار الصدمة الثقافية التي يتعرض لها الطفل عند دخوله المدرسة، وتقوي إحساسه بقيمته الذاتية وشعوره بهويته، وترفع من إحساسه بإنجازه على المستوى الأكاديمي، كما أنها تساعده في توظيف القدرات والمهارات التي اكتسبها باللغة الأم في تعلم اللغة الثانية".
أهمية التعليم المتعدد اللغات
كما أن تطوير بيئة متعددة اللغات فى مختلف البلدان تساهم في توسيع آفاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وخاصة فى البلدان النامية. فالتنوع اللغوي وتعدد اللغات كجزء لا يتجزأ من التنمية المستدامة.
التعليم المتعدد اللغات يؤدى بالمثل إلى التسامح اللغوي والثقافي من خلال استكشاف المزيد من التقاليد والثقافات، وعليه فهم أعمق لخصوصيات العرقيات المختلفة في البلاد.
أهمية التعليم المتعدد اللغات
إن إتقان الفرد لأكثر من لغة يوطد لديه مهارات التواصل مع الآخرين، فسوق العمل العالمي يتطلب قدرات ومهارات أخرى إضافة إلى الشهادات الأكاديمية، حيث سيكون الشخص مطالباً بالقدرة على التواصل من العديد من الناس الذي يحملون ثقافات متباينة، وهذا يعني التكيف مع بيئة عمل بشكل أكثر فعالية.

إتقان أكثر من لغة يساعد على مزيد من الفهم للثقافة المحلية التى يتواجد الشخص فى بيئتها، إن التواصل مع الناس فى الحياة اليومية والمهنية بأكثر من لغة يساعد على فهم الثقافة المحلية بشكل أعمق، كما أن قدرة الشخص على التعامل بأكثر من لغة يعني قيمة مُضافة لسيرته الذاتية.
أهمية التعليم المتعدد اللغات
كما أن تعدد اللغات يساعد الشخص على فهم وتقدير الروافد الثقافية المختلفة عنه وكذلك معرفة الفروق الدقيقة، ونجد أن الروافد الثقافية تتعدد وتتنوع وهى التى تقدم لنا المعرفة بتاريخ الشعوب وحضارتها وتتمثل فى النصوص، والوثائق، وأمهات الكتب والمخطوطات، والأشعار، والآداب، والفنون، والعلوم التي أبدعها كتاب وفلاسفة وعلماء وشعراء ومؤلفون، إلى جانب المعالم التاريخية، والمآثر العمرانية، والقلاع،والقصور، والجوامع، فضلاً عن العادات والتقاليد في مختلف مناحي الحياة. ومن بين أهم الروافد الثقافية أيضاً للشعوب الأعمال الفنية .. فإذا أراد الشخص فهمها والتعرف عليها - إذا كان من متذوقى الفنون- عن طريق الاستماع إلى الأغنيات، مثلًا، أو قراءة الروايات، أو مشاهدة الأفلام، فمن الهام أن يكون على معرفة جيدة باللغة الأم.
حرص الشخص على تعلم أكثر من لغة منذ صغره يجعله يعبر عن نفسه بشكل أكثر عمقاً .. فقد يجد في لغة من اللغات كلمات يسهل بها التعبير عن نفسه قد لا يكون لها مقابلاً فى لغته الأم.
أهمية التعليم المتعدد اللغات
* اكتساب اللغات وإحراز التنوع الثقافى:
يُشار إلى التنوع الثقافي إلى وجود ثقافات مختلفة و كلاَ منها يتبادل الاحترام لهذه الاختلافات. وتستخدم في بعض الأحيان عبارة "التنوع الثقافي" بمعنى تنوع المجتمعات البشرية أو الثقافات في منطقة معينة أو في العالم ككل. وتعتبر اللغة من إحدى مظاهر التنوع الثقافى الذى يتضمن على الدين والعادات والتقاليد أيضاً.
فقد تميزت مختلف الحضارات والأمم بلغاتها الخاصة على مر العصور، حيث تعتبر هي الركن الأساسى الذي تقوم الثقافة عليه، كما أنها تعد أحد مظاهر الاختلاف بين الحضارات والأمم، حيث نجد كل أمة تفتخر وتتباهى بمزايا لغتها، بالإضافة إلى أنها تحرص على تعليمها للجميع بشكل دائم، فهي البوابة التي تستخدم للتعرف على جميع الحضارات، والتمازج بين الشعوب في كافة أنحاء الأرض.
أهمية التعليم المتعدد اللغات
* مساوئ التعليم المتعدد اللغات:
إن تعلم الطفل الصغير للغة الثانية فى سن مبكرة تعرضه لضغط إدراكى الذى يكون فى بعض الجوانب مفيد، وفى البعض الآخر سلبى حيث يضعه فى تحدٍ. فتعلم الطفل للغة ثانية هو خيار من جانب الآباء له تأثير دائم على الطفل لأنه يمثل ضغطاً على مراكز تعلم اللغة فى مخه وقد يواجه الطفل بعض الاضطرابات الإدراكية التى تغيب عن الطفل الذى يتعلم لغة واحدة .. لذا لابد وأن يكون الآباء على دارية كافية بالجوانب السلبية لتعلم الطفل لغة ثانية فى السن الصغيرة قبل اكتمال نمو خلايا المخ لديهم.

إرهاق الطفل إدراكياً:
أشار الخبراء أن تعلم اللغة الثانية فى سن مبكرة قبل العشر سنوات قد لا يتقنها الطفل بنفس المستوى الذى يكون بعد هذه السن وخاصة فى سن المراهقة من من سن 11 أو 12 عاماً، وذلك لأن الطفل الصغير مازالت قدراته الإدراكية محدودة وفى حالة نمو وتطور لأن نمو الذكاء يصل إلى ذروته حين يصـل الطفل لسن الخامسة عشر ويظل مستوى الذكاء ثابتاً حتى بلوغ سن الأربعين .. إلا أن تعلم اللغة فى السن الصغيرة يتيح نطقها بشكل أقرب إلى اللغة الأم أى أن جودة نطقها تتزايد فى السن الصغيرة بخلاف سرعة تعلمها التى تكون بعد سن العشر سنوات.

الخلط بين اللغتين:
من الشائع لدى الأطفال فى السن الصغيرة عند تعلمهم اللغة الثانية هو الخلط بين كلمات اللغتين عند
التحدث بالأخرى والذى يسمى بالخلط الكودى (Code-mixing)، فعندما يجرى الطفل حديثاً مع الآخرين يستعين بكلمات من اللغة الثانية فى اللغة التى يستخدمها .

التعثر فى تعلم اللغة:
تعلم الطفل الصغير لأكثر من لغة فى آن واحد يحد من عدد الكلمات التى يتعلمها فى الوقت المحدد له فى السن العمرية التى يكون عليها، ومثالا ًعلى ذلك نجد أن الطفل ما بين 1 إلى 3 أعوام يتعلم ما يقرب من 20 كلمة فى الشهر، لكنه إذا تعلم لغة أخرى بجانب اللغة الأم فهذا معناه تعلمه 10 كلمات فى اللغة الثانية و10 كلمات فى اللغة الأم فى الشهر الأمر الذى يؤثر على اكتسابه مهارات اللغة الأصلية له.

اختلافات ثقافية مربكة:
عندما يقرر الشخص الكبير أو المراهق تعلم اللغة الثانية فهى على وعى تام باختياره وذلك لرغبته التى تنبع إما للحصول على فرصة عمل يتوق إلى شغلها أو لمتطلبات دراسية، لكن الطفل وهو مازال فى سنه الصغيرة فإن تعلمه اللغة الثانية لا يكون باختياره وإنما هو اختيار لرغبة والديه لإعداده لمستقبله المهنى.
وهنا يقع الطفل فى حيرة بالغة لتعلمه لغتين كل لغة لها خلفية ثقافية وحضارية وتتوافر بها المعلومات المتنوعة والمختلفة التى قد تحدث ارتباك لديه .. الأمر الذى يؤثر على هوية الطفل التى تظهر لاحقاً فى مرحلة المراهقة.

الضعف فى تحصيل كلا اللغتين:
إن وقوع الطفل الصغير فى حيرة لتعلم لغتين اللغة الأم واللغة الثانية قد يؤدى إلى تأخر فى اكتساب كلا اللغتين فهو لا يجيد اللغة الأم ولا يجيد اللغة الثانية .. وعدم قدرته على التركيز تضعه فى عبء أكبر لتحسين مستواه التعليمى الذى قد يظهر فى سنوات لاحقة بعد ازدياد المناهج تعقيداً من اللجوء إلى دروس تقوية وإضافية لتحسين مستواه التعليمى.

خلل فى استيعاب الطفل وفهمه للعلوم:
إن الإفراط في استخدام اللغة الثانية، بحيث تتحول من لغة يدرسها إلى لغة يتعلم بها كل العلوم والمواد الدراسية وخاصة العلوم المنطقية والطبيعية مثل الرياضيات والفيزياء فى المراحل الدراسية المتقدمة، تجعل الفهم لدى الطالب أقل مما لو تعلمها بلغته الأم.
* مدى تأثر اللغة الأم فى ظل التعليم المتعدد اللغات:تفتيت الهوية القومية:
إن تدريس لغة أجنبية بخلاف اللغة الأم وخاصة في المرحلة الأساسية وتحولها من لغة يدرسها الطفل إلى لغة يتعلم بها كل العلوم والمواد الدراسية سيؤدي إلى تفتيت الثقافة والهوية القومية والمتمثلة باللغة الأم، فهي ليست مفردات وتراكيب نحوية فحسب .. وإنما هي وعاء لثقافات وعادات وقيم للناطقين بها وما يترتب على ذلك من تأثير على وجدان المتعلم.

عرقلة تعلم اللغة الأم:
الطفل فى سنه الصغيرة وخاصة فى مرحلة الحضانة ما بين (3 - 6 سنوات) وهى مرحلة الطفولة المبكرة يكون بأمس الحاجة إلى تعلم لغته الأصلية وتدريب عضلات اللسان والأحبال الصوتية عليها فى بداية نموها ليصبح أكثر قدرة على التعبير اللغوى الصحيح نطقاً وكتابة، لكن إذا أُضيفت لغة أخرى إلى جانب لغته الأم فهذا سوف يعرقل من تقدمه فى تعلمها ويؤخر نموه اللغوى. ومن هنا ينبغى تأخير مرحلة تعليم اللغة الثانية حتى يفرغ الطفل من إتقان لغته الأصلية حينها لا خوف عليه من إتقان لغة أخرى بجانب لغته الأم.
صعوبة فهم اللغة الأم لدى المتحدث الأصلى بها:
التباين فى الوحدات والتراكيب اللغوية بين اللغات قد يؤثر سلباً على اللغة الأم. ومثالاً على ذلك إذا قورنت اللغة العربية بالإنجليزية من حيث التراكيب النحوية واللغوية والصوتية فسوف نلاحظ اختلافاً كبيراً بينهما مما يصيب الطفل بحالة من الارتباك تجعله يجد صعوبة فى فهم تراكيب لغته الأم.

تأثر التواصل باللغة الأم:
إن اللغة هي المقوم الأساسي لأي أمة باعتبارها أداة التفكير التي تبين وتحدد المفاهيم والقيم والمعاني، فهيمنة اللغة الأجنبية على مختلف مناحي الحياة يؤدي إلى خلق عجز في التواصل اللغوي الاجتماعي داخل الأسرة ومن ثَّم داخل المجتمع بأسره، فكيف سوف يتم التواصل بين ابن يجيد لغة أجنبية وبين أب لا يجيد إلا لغته الأم ومن هنا يحدث صعوبة الاتصال اللغوي والاجتماعي داخل الأسرة باعتبارها النواة الأولى للمجتمع مما يؤدى إلى وجود حالة من الانفصام اللغوي.
* إشكالية الهيمنة اللغوية:
أصبح هناك لغات بذاتها مهيمنة دون غيرها، ولم تستطع لغات أخرى مقاومة التدفق اللغوى القادم من الخارج مما يهدد بقائها كلغة قومية. وبما أن اللغة جزء لا يتجزأ من الهوية الاجتماعية، فلابد من تحقيق التفاعل بين اللغة الأم وباقي اللغات الأجنبية التى يتعلمها الفرد وخاصة من خلال وسائل الاتصال الحديثة، فى إطار ما يسمى بعالمية الثقافة القائمة على مبدأ الاعتراف بالتعدد اللغوي دون انصهار لغة في قالب لغة أخرى ومحاولة طمسها، وهذا في إطار الحفاظ على العلاقة القائمة بين اللغة والمجتمع في تحقيق التواصل الاجتماعي.

تاريخ علم الإحصاء

تاريخ علم الإحصاء


الإحصاء، بمعنى العدّ والحصر، فكرة قديمة يرجع منشؤها إلى عهد بعيد في تاريخ المدنية الإنسانية، فالحاجة إلى الحصول على معلومات رقمية أو وصفية عن المجتمعات وظروفها المادية وشروط وجودها كانت حاجة ملحّة منذ أن وجدت المجتمعات البشرية المنظمة، وهنالك إحصاءات عند قدماء المصريين والصينيين والإغريق تخص مجتمعاتهم من حيث عدد السكان ومقدار الثروة الزراعية والمعدنية جُمعت للاهتداء بها في تصريف أمور الدولة ورسم سياستها.


الإحصاء عند العرب

ولقد كان العرب المسلمون من أوائل من استعان بلغة الأرقام في إحصاء مواردهم وحصر غنائمهم وجندهم وأعطياتهم وأسلحتهم، ومعرفة الثروات لتحصيل الزكاة عنها. وكان لهم في الإحصاء اللغوي الباع الأطول فالكندي المتوفى سنة 260هـ، يصف في مؤلَّفه «رسالة في استخراج المعمَّى» عملية إحصاء تواتر الحروف في لغة ما، وذلك بأخذ عينة كافية من الكلام المنثور في تلك اللغة، وقد أحصى نصاً مؤلفاً من 3667 حرفاً ثم استعمل تلك النتائج بعد ترتيبها في استنباط نص معمَّى وينبه فيها على أمرٍ ذي بال، وهو أن النص المعمَّى ينبغي أن يكون ذا طول كافٍ يسمح بانطباق القواعد الإحصائية عليه، وهي فكرة رياضية على غاية من الأهمية، هي فكرة قانون الأعداد الكبيرة.
ولعل الكندي هو أول من أجرى ذلك الإحصاء في تاريخ الدراسات الكمية على اللغة، ولا شك في أنه أفاد من إحصائيات حروف القرآن الكريم التي سبقت عصره (وهي تعود إلى القرن الهجري الأول، وينسب بعضها إلى صدر الإسلام).
كما كان للعرب في الإحصاء الاجتماعي أيضاً أثرٌ يجدر ذكره، وهو أن المفكر العربي ابن خلدون ربما كان أول من عالج قضايا السكان معالجة علمية، فبحث في عمران الدول واتساعها وتأخرها، وربط كل ذلك بنمو عدد السكان ونقصانهم.


القرن 17

وقد عَرف القرن السابع عشر الميلادي مدرستين للإحصاء، أولاهما المدرسة الألمانية الوصفية، وكان على رأسها هرمان كنرنگ H. Conring (1606-1681) الذي بدأ بتدريس علم جديد سماه علم شؤون الحكومات Staatkunde يتناول دراسة الدولة وما يتعلق بها من أمور كثيرة كالأرض والسكان والثروة وغيرها، وكان ذلك في عام 1660، ولقد كان هذا العلم وصفياً لا يُعنى بالتعبير الرقمي كثيراً، وقد تبع كنْرنغ في هذا العلم أخنوول گوتفرايد G. Achenwall (1719-1773)، وأطلق على هذا العلم تسمية جديدة هي الإحصاء Statistic، وهذه التسمية هي التي انتقلت من الألمانية إلى كثير من اللغات الأخرى. وقد نشر آخِنْوولعام 1749 كتاباً حول مبادئ الإحصاء في الدول الأوربية.[1]
وكان على رأس المدرسة الثانية التي عرفت باسم مدرسةِ الحسبة السياسيين الإنجليزية» ج. گراونت J. Grount (1640-1674) الذي نشر سنة 1666 كتاباً درس فيه سجلات نفوس لندن وحسَب منها نسب الوفيات، ثم، و. بيتي W. Petty (1623-1687) الذي ألف عام 1683 كتاباً استخدم فيه الطرائق الكمية وسماه «الحساب السياسي»، ومن هذا الاسم أخذت المدرسة الثانية اسمها.

القرن 19

وفي بداية القرن التاسع عشر الميلادي دخل الإحصاء مرحلة من مراحل تطوره على يد لاپلاس Laplace (ع. 1749-1827) الذي يجب أن يوضع في مقدمة أولئك الذين جعلوا من حساب الاحتمالات الأداة الأساسية لدراسة التحليل الإحصائي، وقد أوضح في كتابه «النظرية التحليلية للاحتمالات» عام 1812 الفوائد والميزات التي يمكن أن تستخلص من دراسة الظواهر الطبيعية التي أسبابها معقدة جداً إلى حد لا يمكن معه معرفتها جميعاً. ثم وسّع أ. كيتِلي A. Quetelet (1796-1874) حقل تطبيقات الإحصاء مسترشداً بأعمال لابلاس، فدرس الصفات الفيزيائية والفكرية والنفسية للكائنات البشرية، وأوجد بذلك نوعاً من «الفيزياء الاجتماعية» تتوزع وفقها هذه الصفات المتنوعة للجماهير على كائن اعتباري هو «الرجل الوسط». وبناءً على مبادرة كيتلي انعقد في بروكسل عام 1853 المؤتمر الدولي الأول للإحصاء الذي بشر «بالمعهد الدولي للإحصاء» الذي أسس في لندن عام 1885.

العصر الحديث

قد توسعت منذ نهاية القرن التاسع عشر وإلى يومنا هذا طرائق التحليل الإحصائي فوصلت إلى كل مجالات التحريات والدراسات العلمية، وأدت المسائل العلمية الحديثة المدروسة وفق هذا الأسلوب إلى تطوير سريع وكبير للنظرية الإحصائية.
فبعد أعمال كيتلي والسير ف. گالتون F. Galton (1822-1911) أنشأ ك. پيرسون K. Pearson (1857-1936) فرعاً جديداً للإحصاء يحمل اسم الإحصاء الحيوي «Biostatistics» الذي امتد حالياً إلى ميادين الاختبارات المتعلقة بعلم المداواة والطب العلاجي.
كذلك فقد توطدت الصلة بين الإحصاء والاقتصاد بابتداع فرع علمي جديد هو الاقتصاد القياسي Econometrics ويدعوه بعضهم الإحصاء الاقتصادي وكان رواده الأوائل أ.أ. كورنو A.A. Cournot (1801-1877)، وڤ. بارتو V. Pareto (1848-1929)، و ل. ڤالراس L. Walras (1834-1910)، وف. ديڤيزيا F. Divisia (1889-1963)، و ر.فريش R. Frish (1895-1973) الحائز جائزة نوبل عام 1969 في الاقتصاد السياسي وقد أسس مع ديفيزيا الجمعية الدولية للاقتصاد القياسي.
أما أعمال ج.ك. ماكسويل J. C Maxwell (1831-1879) التي أوصلت إلى النظرية الحركية للغازات فقد كانت نقطة البدء للميكانيك الإحصائي وللفيزياء النووية.
وقد امتدت استخدامات الإحصاء إلى الزراعة على يد ر.أ. فيشر (1890-1962) وإلى الصناعة على يد و. شيوهارت W.Shewhart (1891-1967) بدراسة المراقبة الإحصائية للجودة والوثوق، أما في ميادين العلوم الإنسانية فإن دراسة إ. سپيرمان E. Spearman (ع. 1863-1945) حول سلوك الأفراد، التي طِّورت بعد ذلك في علم النفس التطبيقي فقد أدت إلى وجود طرائق التحليل العاملي Factor Analysis الذي هو امتداد منطقي لدراسة الارتباط Correlation. وفي إدارة الأعمال والمشاريع غدت الطرائق الإحصائية عاملاً مساعداً لابدّ منه في دراسة حالة السوق ومراقبة الميزانية وإدارة المخزون الاحتياطي، وهي إضافة إلى نظرية الألعاب game theory، ونظرية القرار Decision theory وإلى الطرائق الحديثة في الحساب قد مهدّت لولادة بحوث العمليات Operations research.
إن أعمال فيشر وإ.پيرسون E. Pearson (1895-) وج. نيمان J. Neyman (1894-1981) حول نظرية الاختبارات test theory ونظرية التقدير estimation theory التي تمخضت عن البحوث التجريبية المتعلقة بتطبيق طرائق السبر، جعلت من الطرائق الإحصائية أداة قوية وفعالة في البحث العلمي والتقني ومازال حقل استخدامها في نمو مستمر. 

الخميس، 2 أبريل 2020

اللغات الغير معروفة‬

اللغات الغير معروفة

‫يوجد في عالمنا الآلاف من اللغات المختلفة.‬
‫يقدر العلماء انها ما بين ال 6000 و ال 7000 لغة.‬
‫لكن العدد المحدد لذلك ليس معروفا حتي الآن.‬
‫و هذا مرده أنه لايزال يوجد العديد من اللغات الغير مكتشفة.‬
‫هذه اللغات موجودة و قبل كل شئ في المناطق النائية.‬
‫و منطقة الأمازون هي مثال علي هذه المناطق.‬
‫هناك لا يزال يوجد العديد من الشعوب المنعزلة.‬
‫و ليس لديهم أية اتصالات بالشعوب و الثقافات الأخري.‬
‫لكن علي الرغم من ذلك كلهم لديهم لغاتهم الخاصة بهم.‬
‫أيضا يوجد في أجزاء أخري من المعمورة لغات غير معروفة.‬
‫عن عدد اللغات في وسط افريقيا، لا توجد اجابة محددة حول ذلك.‬
‫و لم يتم البحث في غينيا الجديدة عن اللغة بشكل تام.‬
‫كلما يتم اكتشاف لغة جديدة، كلما حدثت ضجة كبيرة.‬
‫قبل حوالي العامين اكتشف العلماء الكورو.‬
‫و الكورو هي اللغة التي يتحدثها المرء في القري الصغيرة في شمال الهند.‬
‫فقط يجيد هذه اللغة حوالي 1000 شخص.‬
‫هذه اللغة هي لغة تحدث فقط.‬
‫فهي ليست لغة كتابة.‬
‫يحير العلماء كيف استطاعت الكورو البقاء علي قيد الحياة طيلة هذه الفترة من الزمن.‬
‫تنتمي الكورو الي عائلة اللغات التيبتية البورمية.‬
‫و في آسيا كاملة يوجد 300 لغة من مثل هذه اللغات.‬
‫لكن لا تربط الكورو بهذه اللغات صلة قرابة قريبة.‬
‫مما يعني أن لها قصة تاريخية مختلفة تماما.‬
‫للاسف تموت اللغات الصغيرة سريعا.‬
‫و أحيانا ما تختفي لغة ما خلال جيل واحد.‬
‫و بالتالي يصبح متاحا للباحثين وقت قصير فقط لاتمام دراساتهم.‬
‫لكن أمام الكورو لايزال ثمة أمل صغير.‬
‫..أن يتم توثيقها في قاموس صوتي.‬


اللغات الحية

اللغات الحية

مجال تعلم اللغات الأجنبية خصب لمن أراد التثقف والاستزادة، وفي عالم اليوم، هناك لغات لا بد للفرد من الاطلاع عليها، لأنها لغات العصر، وعدد الناطقين بها لا يستهان به على الإطلاق.

لا يختلف اثنان على أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الأكثر استعمالاً حالياً، فهي لغة العلم ومعظم مصطلحات المخترعات محررة بها، بل إن غيرها من اللغات تقترض منها الكلمات، لأنها أصبحت مرتبطة بهذه اللغة، وعلامة مسجلة بأهلها، ويجب التفرقة في هذا الخصوص بين الانجليزية الأمريكية American English والانجليزية البريطانية British English، فقد يبدو للوهلة الأولى أنهما سيّان، ولكن بينهما فروقات سواء من ناحية القواعد النحوية أو حتى النطق الخاص بهما، وحسب رأي الشخصي، أعتبر اللسان البريطاني هو الأصيل، فاللغة نبعت من هذه البلاد، وكُتّابها الذين أبدعوا فيها، تميزوا على مستوى العالم كـ "وليم شكسبير"، أما اللسان الأمريكي، فهو يعبر عن اللغة الحديثة بكتابها الذين ذاع صيتهم أيضا، كما أنها انطبعت بالإنجازات العلمية الكبيرة التي حصلت على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية.

ننتقل الآن إلى اللغة الفرنسية، ويطلق على الدول الناطقة بها "الدول الفرنكفونية"، وتتميز هذه اللغة بارتباطها بالثقافة، وكمثال عن كتابها الذين عُرفوا عالمياً "فيكتور هوغو"، "غي دو موباسان"، "فولتير"، وغيرهم، والبعض يعتبرها أصعب مقارنة بالانجليزية، في ما يتعلق بالقواعد النحوية التي تحكمها، وأيضاً التأنيث والتذكير وأثر ذلك على الأفعال، إلا أنه مع هذا، فإنها لغة شيقة لمن تَتَبّع تَعلُّمها بتأن، كما أن عدد الناطقين بها لا يستهان به في العالم، فالكثير من الدول الإفريقية انطبعت بهذه اللغة، وبرز عندهم كتاب نافسوا الكتاب الذين هم من أصول فرنسية بحتة.

تمثل اللغة الألمانية لغة المستقبل، فهي مرتبطة بدولة متقدمة صناعياً، واقتصادها متين في أوروبا، فتعلمها هو بمثابة ميزة وسلاح لصاحبها، فيُنصح بها مع توفر البرامج التعليمية المسهلة لذلك على الشابكة، وفي أحسن الحلل، ما يدل على اهتمام الألمان بلغتهم وسعيهم إلى نشرها بين الناس، وهذه اللغة صعبة على مستوى النطق، فنجد في الشمال الألماني نطقا قد يغاير تماما لمن هم بالجنوب، وهذا ما قد يشكل عائقاً أمام مُتعلّمها، فيا حبذا إذا التسجيل لدى معهد متخصص، يُدرّس فيه أساتذة متمكنين ناطقين أصليين بها، سيكون ذلك وسيلة ناجعة لتَعلّمها واكتسابها.

نختم حديثنا الشيق باللغة الصينية، أو ما يطلق عليها "لغة العملاق النائم"، فعدد الشعب الصيني هائل في هذا العالم، واليد العاملة الصينية أصبحت مرسخة الأرجل في العديد من البلدان، فتَعلّم هذه اللغة يفتح المجال للحصول على فرص عمل، رغم أنه والحق يقال، هي لغة من أصعب لغات العالم كنظيرتيها "اليابانية" و"الكورية"، إلا أن تعلمها ليس مستحيلا مع توفر الإرادة والعزيمة، وأبرز عقبة يمكن مواجهتها، طريقة الكتابة، وكذا تركيب الجمل، فطبيعة هذه اللغة تختلف عن بقية اللغات.

هذه أبرز النقاط التي أردت تناولها بخصوص هذه اللغات، ويمكن اعتبارها جميعا لغات حية، لأنها مرتبطة بالعصر، وتسهل قضاء حاجات الناس، وكل من أراد مواكبة الزمن، عليه باكتساب اللغات ما استطاع، فإنها غنيمة وكنز ثمين.

قاموس لغات العالم

    قاموس لغات العالم.. 7 آلاف لغة حية فى العالم.. "آسيا" أكثر القارات تنوعا بـ2000 لغة وأوروبا الأقل.. 2500 لغة مهددة بالانقراض.. الإنجليزية الأكثر انتشارًا والعربية رابعا.. والأمم المتحدة لا تعرف غير 6 لغات رسمية


كم لغة حية موجودة فى العالم، وما أكثر اللغات انتشارًا، وهل هناك لغات رسمية اعتمدتها الأمم المتحدة، وكم لغة فى كل هذه اللغات مهددة بالانقراض.
 
التركيبة السكانية للعالم متنوعة فى الجنس واللون واللغة أيضا، والأخيرة كفيلة بعمل قاموس موسوعى غير محدد اللغات واللهجات، لكن هناك خطر واحد يواجه تلك التنوع اللغوى الكبير، وهو الانقراض، ففى القرون الوسطى وبحسب العديد من الدراسات كان يوجد فى العالم نحو 15 ألف لغة حية، تراجعت الآن إلى أقل من نصف هذا العدد، وذلك كون أغلب العالم ومنذ عقود طويلة اتجه إلى الاعتماد على لغات بعينها وتناسوا لغتهم الأصلية.
 
فلغة مثل لغة الياجان، لغة أحد أقدم وأعرق الشعوب فى أمريكا اللاتينية، والتى يرجع عمرها لأكثر من 10 آلاف عام، مهددة الآن للإنقراض، حيث لا يتحدث بها إلا شخص واحد فقط، هى جدة معمرة تبلغ من العمر 91 عاما، تدعى كريستينا كالديرون، تعيش فى دولة تشيلى.
 

7000 لغة عالمية حية وآسيا الأكثر تنوعا بـ2000 لغة

 
وبحسب خرائط ورسومات بينية نشرها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية للمساعدة على فهم تنوع اللغات فى العالم، قالت الصحيفة إن بعض القارات بها عدد من اللغات أكبر من قارات أخرى، وبشكل عام هناك 7102 لغة حية فى العالم، منها 2301 فى آسيا، و2138 فى أفريقيا، و1313 فى منطقة المحيط الهادى، و1064 فى الأمريكتين، بينما يتواجد النصيب الأقل فى أوروبا حيث عدد اللغات الحية 286 فقط.
 
ورغم أن هذه الأرقام لا يمكننا التسليم الكامل بدقتها، فمن هذه اللغات ما كان على وشك الانقراض لقلة المتحدثين بها، ولصعوبة تحديد الفرق بين اللغة واللهجة؛ ولكن رغم هذا فإن معظم علماء اللغة يتفقون على أن هناك أكثر من 5 آلاف لغة فى العالم، ويعتقدون أيضًا أن هذا العدد سينخفض بمقدار النصف خلال قرن من اليوم.
 

2500 لغة تمثل 80% من لغات العالم مهددة بالانقراض

 
من خلال بعض التقديرات فإن 80% من لغات العالم قد تختفى بنهاية القرن الحالي. وسيتقلص عددها لبضعة مئات، لأن أغلب لغات العالم التى يتحدث بها بضعة آلاف أو أقل ستترك الساحة للغات مثل الإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والمندرينية لغة الصين وتايوان وسنغافورة، واللغة الروسية، والإندونيسية والعربية والسواحلية والهندية.
 
ونقلت الصحيفة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) أن بعض تلك اللغات لا يتحدث بها سوى ثلاثين شخصا فقط، وأن 50% من اللغات المنطوقة فى العالم حاليا ستنقرض.
 
وقالت صحيفة الإندبندنت البريطانية، فى تقرير نشرته فى مارس 2018، إن نحو 2500 لغة فى العالم هم أكثر اللغتا عرضى للإندثار مهددة بالاندثار، وأوردت من بينها واحدة فقط فى المنطقة العربية، ونقلت الصحيفة البريطانية عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أن بعض تلك اللغات لا يتحدث بها سوى ثلاثين شخصاً فقط، وأن 80% من اللغات المنطوقة فى العالم حاليًا ستنقرض.
 

6 لغات فقط معتمدة لغات رسمية فى الأمم المتحدة

 
وعلى الرغم من التنوع اللغوى الكبير وعدد اللغات الكبير، إلا أن منظمة مثل منظمة الأمم المتحدة لا تعترف إلا بست لغات هى: الانجليزية، والعربية، والصينية، والأسبانية، والفرنسية، والروسية هى لغات الأمم المتحدة الرسمية الست التى يقام لها احتفالات ضمن الأيام العالمية هى: 20 - مارس يوم اللغة الفرنسية (اليوم الدولى للفرانكفونية)، 20 - أبريل يوم اللغة الصينية (تخليدا لذكرى سانغ جيه مؤسس الأبجدية الصينية)، 23 - أبريل يوم اللغة الانجليزية (الذكرى السنوية لوفاة الكاتب الانكليزى ويليام شيكسبير)، 6 يونيو - يوم اللغة الروسية (الذكرى السنوية لميلاد الشاعر الروسى ألكساندر بوشكن)، 12 أكتوبر - يوم اللغة الإسبانية (يوم الثقافة الإسبانية)، 18 ديسمبر - يوم اللغة العربية (يوم إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة)، فيما يعد ‏الانجليزية والفرنسية هما لغتا العمل فى الأمانة العامة للأمم المتحدة.
 

الإنجليزية أكثر اللغات انتشارًا والعربية رابعًا

 
ووفقا لأحد الإحصائيات العالمية فى كتاب "حقائق العالم" الصادر من الاستخبارات الأمريكية و"إنكارتا" وايضاً "إثنولوج"، وضع ترتيب قائمة بعشر لغات فى العالم هى الأكثر انتشارا من حيث عدد المتكلمين فيها ونسبتهم من عدد سكان العالم.
 
جاءت اللغة الإنجليزية فى المرتبة الأولى، بنسبة عدد متحدثيها فى العالم نحو 25%، وعددهم يتجاوز 1.8 مليار نسمة، والمرتبة الثانية "لغة الماندرين" اللغة الصينية، بنسبة عدد متحدثيها 18.05%، وعددهم يتجاوز المليار تقريبا، والمرتبة الثالثة اللغة الهندية، بنسبة عدد متحدثيها 18.05%، وعددهم يتجاوز المليار تقريبا، والرابعة هى اللغة العربية بنسبة عدد متحدثيها فى العالم 6.6%، وهى واحدة من أقدم لغات العالم، ويتحدث بها غالبية سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفى المرتبة الخامسة اللغة الأسبانية بنسبة عدد متحدثيها فى العالم 6.25%، وعددهم تقريبا 400 مليون نسمة، فيما جاء فى السادسة فى المرتبة السادسة اللغة الروسية بنسبة عدد المتحدثين بها 3.95%، و فى المرتبة السابعة اللغة البرتغالية بنسبة عدد متحدثيها 3.26% من عدد سكان العالم، وفى المرتبة الثامنة اللغة البنغالية بنسبة عدد متحدثيها من عدد سكان العالم 3.19%، و فى المرتبة التاسعة اللغة الفرنسية بنسبة عدد السكان المتحدثين بها 3.05% من عدد سكان العالم، وتستخدمها 32 دولة كلغة رسمية، و فى المرتبة العاشرة اللغة الألمانية، بنسبة المتحدثين بها 2.77% من عدد سكان العالم، وهى تنتمى إلى اللغات الجرمانية الغربية.

نشأة و تطور مفهوم التسويق


 نشأة و تطور مفهوم التسويق
المفهوم التقليدي للتسويق:
التسويق هو مجموعة الأنشطة البشرية التي تستهدف تسهيل عمليات التبادل, لقد وضع "كوتلر Cotler" هذا المفهوم الذي مازال الأكثر شيوعا, و يتضمن هذا المفهوم ما يلي:
- إن التسويق نشاط إنساني على خلاف أنشطة أخرى كالإنتاج و الإستهلاك.
- إن التسويق يستهدف تسهيل عملية التبادل, سواء جرى التبادل لصفقة واحدة, أو لإجراء عمليات تبادل مختلفة.
- إن التبادل ليس مقصورا فقط على السلع و إنما يشتمل الخدمات أيضا, وقد تكون المبادرة في عملية التبادل من طرف المشتري عندما ينزل للأسواق باحثا عن السلعة, كما قد تكون من طرف البائع الذي ينزل للأسواق باحثاً عن مشترين لسلعتة؛ و على هذا فإن التبادل يتطلب:
• طرفين يرغب كل منهما في إجراء التبادل.
• كل من الطرفين يملك أشياء ذات قيمة من وجهة نظر الطرف الآخر.
• كل من الطرفين قادر على إجراء الاتصال و تسليم ما لديه.
مراحل تطور مفهوم التسويق:
يعتبر التسويق بمعناه الحالي حديث النشأة نسبيا, إذ يؤكد كل من "روبرت كينغ و جيرون ميكارتي" أن الإدارة في المؤسسات الإقتصادية لم يعرف مفهوم التسويق إلا في الخمسينات, حيث كان المفهوم السائد قبل ذلك هو مفهوم البيع, و يرى "روبرت كينغ" أن مفهوم التسويق قد تطور عبر المراحل الثلاث التالية:
1- مرحلة التوجيه بالإنتاج (1900-1930):
و فيها كانت مشكلة الإنتاج هو محور انشغال الإدارة في المؤسسة, و لم يكن تعريف الإنتاج يواجه أي صعوبة لأن السوق لم تكن مشبعة, و لذا كان التركيز في هذه المرحلة على الإشباع الكمي للحاجات, و أنّ قضايا النوعية أو الجودة في الإنتاج كانت للمبادرة من مهندسي الإنتاج, و تميزت هذه المرحلة بعدما تدخل رجال البيع في قضايا الإنتاج و اقتصار وظيفتهم على إقناع المستهلك بأن ما أنتج هو ما يشبع حاجتك.
2- مرحلة التوجيه للبيع (1930-1950):
حيث زاد الإنتاج بمعدلات كبيرة بفضل إدخال أساليب الإدارة العلمية في المشروعات و اقتصادها تميز بالإنتاج الكبير, ومن ثم برزت الحاجة لنظام توزيع قادر على تصريف هذا الإنتاج, و ازداد الإهتمام بوظيفة البيع, و لكن فلسفة البيع لم تتغير فازداد إستخدام الإعلان, وظهرت بحوث التسويق لتزويد إدارة المؤسسة بالمعلومات التسويقية اللازمة لترشيد قراراتها المتعلقة بالإنتاج و التخزين و التوزيع ...إلخ.
3- مرحلة التوجيه بالمفهوم التسويقي (من سنة 1950 إلـى اليوم):
و فيها تبنت الإدارة في المؤسسة الإنتاجية فلسفة جديدة في الإنتاج مفهومها "الأسهل صنع ما يحب المستهلك أن يشتري من محاولة بيع ما يحب المنتج أن يصنع", و قد تميزت هذه المرحلة بالسرعة في ابتكار منتوجات جديدة لمسايرة سرعة تغير أذواق المستهلكين, و ازدادت شدة المنافسة من أجل جذب المستهلكين و كسب رضاهم. و قد ساعد على تطور هذا المفهوم عوامل كثيرة تكنولوجية, اقتصادية و اجتماعية.
المفهوم الحديث للتسويق:
العمل الإداري الخاص بالتخطيط الإستراتيجي لجهود المشروع و توجيهها و الرقابة على استخدامها في برامج تستهدف الربح للمنظمة, و إشباع حاجات المستهلكين, ذلك العمل الذي يتضمن توحيد كل أنشطة المنظمة (بما فيها الإنتاج و التمويل و البيع) في نظام عمل موحد.
يقوم هذا المفهوم على ثمانية عناصر هي:
1- تقدير و تفهم المركز الإستراتيجي لدور المستهلك في ارتباطه ببقاء الشركة و نموها و استقرارها.
2- إدراك الإدارة الواعي لتأثير القرارات المتخذة في قسم معين على الأقسام الأخرى و على التوازن الإجمالي لنظام الشركة مع النظم المحيطة.
3- إهتمام الإدارة بابتكار المنتجات التي يتم تصميمها في ضوء دور محدد هو الإسهام في حل مشكلات شرائية معينة لدى المستهلكين.
4- إهتمام الإدارة بآثار تقديم المنتجات الجديدة على المركز الربحي للشركة في الحاضر و المستقبل, و إدراكها للنتائج الإيجابية التي ستترتب على التخطيط العلمي للمنتجات الجديدة, من جهة نمو الأرباح و ضمان استقرارها.
5- تقدير عام لدور بحوث التسويق, ووحدات البحث عن الحقائق الأخرى خارج النطاق التقليدي لتلك البحوث.
6- عمل كافة إدارات المنظمة من خلال شبكة أهداف, بمعنى وجود جهد دائم في كل قطاعات الشركة موجهة نحو وضع أهداف محددة على مستوى الشركة, و الأقسام تكون مفهومة و مقبولة من قبل المديرين على مختلف المستويات.
7- التخطيط الرسمي طويل و قصير الأجل لأهداف المشروع و استراتيجياته و خطط ما ينتج عنه جهد محدد منسق في القطاعات الوظيفية للشركة.
8- خلق أو التوسع في إلغاء و إعادة تنظيم أقسام الشركة إذ استلزم الأمر ذلك في ضوء تعبئة و استخدام و الرقابة على الجهاز الكلي للشركة نحو حل مشكلات استهلاكية مختارة.
و يتطلب تقييم المفهوم الحديث للتسويق توافر عدة متطلبات أساسية هي:
أ- أن يكون التسويق هو الموجه الأساسي لفلسفة المشروع.
ب- أن يصمم الهيكل التنظيمي للمنشأة بما يتفق و هذا المفهوم.
ج- التخطيط المنظم.
د- تخطيط و تطوير المنتجات.
هـ- القيام ببحوث التسويق.
و- تأكيد أهمية الإعلان و الترويج.
ن-التسعير
ح- منافذ التوزيع.
ط- التصرف على أساس أن المستهلك هو السيد.
كما يمكن إعطاء تعاريف أخرى نذكر منها هذا التعريف للتسويق:
إنّ أكثر التعاريف قبولا هو ذلك الذي قدمته جمعية التسويق الأمريكية و الذي ينص:" التسويق هو تنفيذ أنشطة المشروع المختلفة التي تهدف إلى توجيه تدفق السلع و الخدمات من المنتج إلى المستهلك أو المستخدم."
و يعرف الإقتصادي BARTELS التسويق على انه عملية اقتصادية, اجتماعية و ثقافية هدفها تلبية حاجات المستهلكين لمنتجات و خدمات مقبولة و بأسعار مقبولة.
و قد كانت شركة جنرال الكتريك الأمريكية أول من دعت للأخذ بمفهوم التسويق بمعناه الحديث عام 1956, و منذ ذلك الوقت طبقت شركات كبيرة هذا المفهوم عوض مفهوم البيع الذي كان سائدا لديها.

أوجه الإختلاف بين مفهومي البيع و التسويق:
يمكن إظهار الفرق في النقاط التالية:
1- التصور الوظيفي:
يقوم مفهوم البيع على فكرة البحث عن الطرق و الأساليب التي يمكن المؤسسة من تصريف المنتجات المتراكمة لديها, بينما يقوم مفهوم التسويق عن فكرة البحث عن الطرق التي تجنب المؤسسة ظاهرة تراكم المنتجات, ومن هنا يعتبر البيع مفهوم علاجي, في حين يعتبر التسويق مفهوم وقائي.
2- البحث عن الربح:
تعتبر القدرة على تحقيق الربح أفضل المقاييس الكمية المعمول بها للحكم على مدى نجاح أو فشل المؤسسات الإقتصادية, و من ثم يعتبر تحقيق الربح عنصر مشترك بين البيع و التسويق, و لكن الفرق بينهما يكمن في الكيفية, فبينما يتحقق الربح في مفهوم البيع من خلال زيادة حجم المبيعات فإن التسويق يسعى لتحقيق الربح من خلال رضا المستهلك, الذي يضمن استمرارية أو ولاء المستهلك للسلعة و استعداده لدفع ثمنها.
3- الموقع من أنشطة المؤسسة:
إن مفهوم البيع التقليدي الذي يقصر دوره على تصريف الإنتاج, يجعل نشاط البيع يلي نشاط الإنتاج و يتوقف عليه ضيقا و اتساعا, أمـا مفهوم التسويق الحديث بما يتضمنه من بحوث التسويق و بحوث التصميم و دراسة سلوك المستهلك و عمليات النقل و التخزين تجعل نشاط التسويق يسبق نشاط الإنتاج و يليه كذلك.
4- مجال التركيز:
يرتكز اهتمام البيع على أساليب دفع الزبون لاستبدال ما لديه من نقود بما لدى المؤمن سلع, بينمـا ينصب إهتمام التسويق على استراتيجيات متقدمة تقوم على إيجاد ما يرغب فيه المستهلك من سلع و خدمات, كما أن البيع يركز عل حاجات البائع عكس التسويق الذي يركز على حاجات المستهلك, و أخيراً فإن الإنشغال الأساسي للمؤسسة في ظل مفهوم البيع يتمثل في حاجاتها لتحويل السلع لنقود, بينما الإنشغال الأساسي للتسويق يكمن في إرضاء المستهلك, ليس فقط عن طريق السلعة التي يقدمها له, و إنما أيضا للخدمات المرفقة بها.
5- تكامل و انفراد الجهود:
ارتبط مفهوم البيع بمرحلة إنفراد وظائف المؤسسة, و سيادة فكرة أسبقية وظيفة الإنتاج على باقي الوظائف المختلفة في المؤسسة, أمـا مفهوم التسويق فإنه يندرج ضمن المنظور التكاملي لأنشطة المؤسسة المختلفة عن تمويل إنتاج و تموين, و الذي يعتبر جميع أنشطة المؤسسة في نفس المستوى من الأهمية لبلوغ أهدافها.
و أخيراً فإن مفهوم البيع ارتبط في نشأته و تطوره بتصريف المنتوج المادي, أمـا التسويق فإنه يشتمل الكشف عما يرغب فيه المستهلك من سلع و خدمات, و العمل على تلبيتها بما يرضي المستهلك.
ثانيا : أهداف التسويق:
يقصد بأهداف التسويق النتائج النهائية التي يرغب المؤسسة في تحقيقها من خلال نشاط إدارة التسويق, فهناك إجماع بين الإقتصاديين و المسيرين على أن للمؤسسة الإقتصادية على اختلاف طبيعتها ثلاث أهداف استراتيجية يشترك في تحقيقها مختلف أنشطة المؤسسات, و هذه الأهداف هي: الربـح, النمـو، البقـاء.
-Iهدف الربح:
يأتي في مقدمة أهداف المؤسسة الإقتصادية و من ثم فإنها تحاول تعظيم أرباحها, غير أن حرية المؤسسة في واقع المر محددة في هذا المجال, إذ توجد قيود تحول دون إمكانية تحقيق ربح أعظم كتصرفات المنافسين و الرقابة الحكومية على الأسعار, و التشريعات الجبائية, و كذا يصبح على المؤسسة أن تسعى لتحقيق ربح أمثل و هذا الربح القابل للتحقيق و الذي يضمن إيرادا مقبولا (أعلى من سعر الفائدة في السوق المالي) للمساهمين في رأس المال المؤسسة, كما تمد المؤسسة بفائض قابل للإستثمار و الذي يحقق لها هدف النمو المطلوب في الأجل الطويل, فكيف تحقق وظيفة التسويق هذا القدر من الربح؟؟
I-1-دور التسويق في تحقيق الربح:
يعتقد بعض رجال الأعمال و الإدارة أن تحقيق الربح هو من مسؤولية إدارة التسويق هو إعتقاد خاطئ لأنه حصيلة تظافر جهود مختلف أقسام ووحدات المؤسسة, [الربح=الإيراد-التكلفة], فالتكلفة تتكون من عناصر كثيرة تنتج من أنشطة جميع أقسام المؤسسة, و لذا يكون دور التسويق هو تحقيق حجم مربح من المبيعات (عن طريق خلق فرص تسويقية جديدة, البحث عن القطاعات السوقية المربحة, تشجيع البحث عن سلع جديدة...إلخ.)
I-2-علاقة الربح بربحية المؤسسة:
إن القيمة المطلقة للربح لا تعط سورة حقيقية عن ربحية المؤسسة, فتحقيق ربح سنوي قدره 10مليون دينار قد يعتبر مؤشر نجاح بالنسبة لمؤسسة صغيرة كورشة للنجارة مثلا, بينما تمثل خطوة نحو الإفلاس بالنسبة لمؤسسة كبيرة كشركة للإنتاج السيارات مثلا, و لكن يعتبر الربح تعبيرا صادقا عن ربحية المؤسسة لا بد أن ينسب إلى جميع أصولها, و هو ما يطلق عليه [معدل العائد على رأس المال= الربح الصافي / مجموع الأصول], الذي يقيس مقدار الربح الناتج عن كل دينار من الإستثمار, فإذا كان سعر الفائدة السائد في السوق المالي هو 8% فإن مبلغ الربح الذي يتعين على المؤسسة تحقيقه حتى يقال عنها أنها تعمل في شروط مقبولة من الربحية هو ذلك الذي تجعل معدل العائد على الإستثمار أكبر من (>8%).
I-3- دور التسويق في زيادة معدل العائد على الإستثمار:
يظهر دور التسويق في زيادة معدل العائد على الإستثمار من خلال تحسين كل من معدل الربح و معدل الدوران, باعتبار أن:
[معدل الدوران على الإستثمار = الربح الصافي / مج الأصول]
= [الربح الصافي/ المبيعات] × [المبيعات/مج الأصول]
معدل الدوران على الإستثمار = معدل الربح × معدل الدوران
حيث أنه على المؤسسة أن تركز على المبيعات و تكلفة البيع معاً, لأن ذلك يسمح لها بتحقيق الزيادة في معدل الربح بطريقتين:
- إما بزيادة المبيعات بدرجة أكبر من التكلفة.
- أو تخفيض التكلفة بدرجة أكبر من المبيعات.
و حتى يمكن لإدارة التسويق أن تساهم بفعالية في زيادة معدل العائد على الإستثمار, لا بد أن تكون على دراية بجميع العناصر المساهمة في تكوينه و أخذها بعين الإعتبار.
معدل الربح = الربح الصافي / المبيعات
معدل العائد على الإستثمار
معدل الدوران = المبيعات / مج الأصول
بحيث:
معدل الربح = الربح الصافي / المبيعات = [المبيعات – تكلفة التشغيل] / المبيعات
= [المبيعات – ( تكلفة البضاعة المباعة + تكلفة البيع+ تكاليف إدارية)] / المبيعات

Ⅱ- هدف النمو:
يساهم التسويق في تحقيق هدف النمو من خلال التوسع عن طريق زيادة حجم المبيعات الذي يتأتى بزيادة حصة المؤسسة من حجم السوق أو غزو أسواق جديدة, ومن أهم دوافع النمو:
Ⅱ-1- زيادة الطلب على الإنتاج:
حيث تعمل المؤسسة على توسيع قاعدتها الإنتاجية, أي زيادة عدد الأقسام و الوحدات و هو ما يطلق عليه بالنمو الداخلي.
Ⅱ-2- زيادة شدة المنافسة:
مما يؤدي بالمؤسسة إلى القيام باستثمارات جديدة و الذي يترتب عليه زيادة التكلفة الثابتة.
Ⅲ- هدف البقاء:
يعتبر بقاء المؤسسة و استمرار نشاطها في السوق هدف رئيسي يشترك في تحقيقه جميع أقسام وحدات المؤسسة, و يقوم نشاط التسويق بدور حيوي في تحقيقه, و لابد لإدارة التسويق من أن تدرك هذه الحقيقة و تقتنع بها, و من ثم ذلك فإنه تمكن لها أن تساهم بفعالية في تحقيق استمرارية المؤسسة من خلال قيامها بالوظيفتين التاليتين:
Ⅲ-1-البحث باستمرار على فرص تسويقية جديدة:
سواء بزيادة الحيز الذي تحتله المؤسسة في السوق القائمة أو بغزو أسواق جديدة أو التحول إلى بضاعات تسويقية أكثر ربحية.
Ⅲ-2-ضرورة تنظيم و تطوير نظم المعلومات التسويقية:
أي نظام جمع و معالجة و تدوين المعلومات بالشكل الذي يسمح لها بتزويد الإدارة العليا في المؤسسة بالمعلومات السوقية في الوقت المناسب, حتى تتمكن من اتخاذ القرارات السليمة في جميع مجالات نشاطها.

تعريف الإدارة العامة ونشأتها قديما ومراحل تطورها حديثا

تعريف الإدارة العامة ونشأتها قديما ومراحل تطورها حديثا




مفهوم الإدارة:
تقتضى الحاجة العلمية لأي موضوع من الموضوعات العناية بتحديد مسميات الألفاظ والمفاهيم المستخدمة، وللإدارة معنيان: أحدهما لغوي ، والآخر فني اصطلاحي
معنى الإدارة Administration في اللغة:
تقديم الخدمة للغير ، وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية minister tad المكونة من مقطعين ، أي تقديم العون للآخرين.
كما تعني الترتيب والتنظيم الخاص الذي يحقق أهدافاً معينة، كما تعني الإدارة النظام أو الانتظام ، فالإدارة الناجحة سر نجاح الدول في كل مكان وزمان ، وما سادت الحضارات إلا بالإدارة فكرا وتطبيقا، وما بادت إلا بالفوضى، وهذا نقيض للإدارة لأن الإدارة تعني النظام أو الانتظام.
معنى الإدارة في الاصطلاح فني:
تعريف الإدارة من الأمور التي ليس هناك إجماع على تحديدها، ويتضح ذلك من خلال استعراض عدد من التعريفات ، ذلك لأن الإدارة من العلوم الاجتماعية ، ولأن مفهومها واسع ، ولأنها ليست مجرد مصطلح ، وإنما هي علم له أهميته ، وذو ارتباط بنظام المؤسسة ككل في جوانبه المختلفة ليشمل أهدافها ، وفلسفتها، والعاملين فيها، وطرق العمل المتبعة، والإشراف على الأنشطة، والفعاليات ، وتوطيد العلاقات بين المؤسسة والبيئة المحلية.
واستناداً لهذا العرض المجمل لطبيعة مفهوم الإدارة ، يتم عرض عدداً محدداً من التعريف العام لهذا المفهوم.
حيث عرف فينفر في كتابه” التنظيم الإداري” الإدارة بأنها: تنظيم وتوجيه الموارد البشرية والمادية لتحقيق أهداف مرغوبة.
ويتفق مدني علاقي في كتابه “الإدارة : دراسة تحليلية للوظائف والقرارات ” مع فينفر، وقد عرف الإدارة بأنها: العملية الخاصة بتنسيق وتوحيد جهود العناصر المادية والبشرية في المنظمة من مواد وعدة ومعدات وأفراد وأموال عن طريق تخطيط وتنظيم وتوجيه ومراقبة هذه الجهود من أجل تحقيق الأهداف النهائية للمنظمة.
كما عرفها بيرس بوراب على أنها: الوسيلة لإيجاد التعاون المستمر الذي يؤدي إلى تحقيق الأهداف.
في حين ركز كل تيد ، وسيد الهواري في تعريفهما للإدارة على أهمية العنصر البشري ، حيث يرى تيد أن الإدارة هي عملية تكامل الجهود الإنسانية في الوصول إلى هدف مشترك ، ويرى سيد الهواري في كتابه ” الإدارة العامة ” أن ألإدارة عبارة عن تنفيذ الأعمال بواسطة آخرين عن طريق تنفيذ وتنظيم وتوجيه ومراقبة مجهوداتهم.
بينا نظر البعض إلى ألإدارة من خلال العمليات الإجرائية التي تمر بها ، فهي تعني تحديد الأهداف كخطوة أولى، يترتب عليها تحديد الوظائف التي تحقق الأهداف.
أما محمود عساف فيعرفها في كتابه ” الأصول الإدارية” ـ مسترشدا بقوله تعالى ” نحن قسمنا معيشتهم بينهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا”ـ إن الإدارة هي : الهيمنة على آخرين لجعلهم يعملون بكفاءة تحقيقا لهدف منشود.
ونخلص من التعاريف السابقة إلى أن هناك مجموعة اعتبارات هامة تفسر حقيقة معنى الإدارة ، وهذه الاعتبارات هي :ـ
1- إن النشاط الإداري هو نشاط متميز، يختلف عن نظائره من الأنشطة المختلفة الأخرى.
2- إن النشاط الإداري ينصب إجمالا وتفصيلا على النشاطات الجماعية لا الفردية.
3- إن العناصر الرئيسية للعملية الإدارية علميا تشتمل على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
4- إن الإدارة ما هي إلا وسيلة وأداة علمية يستطيع بها ومن خلالها أن يحقق المسئولون الأغراض المستهدفة المحددة.
ومن خلال استعراض المفاهيم السابقة والاعتبارات المستخلصة منها، يمكن وضع تعريفاً إجرائياً للإدارة:
جملة عمليات وظيفية تشمل التخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ـ الرقابةـ تمارس بغرض تنفيذ مهام بواسطة آخرين من أجل تحقيق أهداف منظمة”
وبعد أن تعرفنا على مفهوم الإدارة بشكل مجمل نأتى إلى التعريف بالإدارة العامة التي هي أساس بحثنا هذا وسوف نعرض مفهوم الإدارة العامة ومراحل تطورها التاريخي والمدارس التي نشأت فيها والنظريات التى عقبت الثورة العالمية للإدارة العامة مما خلقت لنا بما يسمى الإدارة العامة الحديثة أو الجديدة .
الإدارة العامة :
يقصد بالإدارة العامة Public administration جميع العمليات أو النشاطات الحكومية التي تهدف إلى تنفيذ السياسة العامة للدولة. فهي موضوع متخصص من الموضوع الأكثر شمولاً وهو «الإدارة»، والإدارة هي تنفيذ الأعمال باستخدام الجهود البشرية والوسائل المادية استخداماً يعتمد التخطيط والتنظيم والتوجيه، وفق منظومة موحدة تستخدم الرقابة والتغذية الراجعة في تصحيح مساراتها، وترمي إلى تحقيق الأهداف بكفاية وفعالية عاليتين. وتفيد في ذلك من العلوم النظرية والتطبيقية، وحين تتعلق هذه الأعمال بتنفيذ السياسة العامة للدولة تسمى الإدارة «إدارة عامة».
فالإدارة العامة تشمل كل هيئة عامة، مركزية أو محلية أوكلت إليها السلطة السياسية وظيفة تلبية الحاجات العامة، على اختلاف صورها، وزودتها بالوسائل اللازمة لذلك، وتشمل أيضاً أسلوب عمل هذه الهيئات وطابع علاقاتها فيما بينها وعلاقاتها بالأفراد.
ولقد تطور مفهوم الإدارة العامة بتطور المجتمعات وتقدمها وبتطور وظيفة الدولة الحديثة وتحقق هذا التطور بتأثير عوامل متعددة منها: متطلبات التقدم الاقتصادي، والأزمات الاقتصادية وانتشار الأفكار الاشتراكية وظهور النظم السياسية الاشتراكية، مما جعل الدولة محركاً أساسياً للتطور الاقتصادي والاجتماعي ومسؤولة عن تحقيق العدالة الاجتماعية واستمتاع الجماهير بثمرات هذا التطور والتقدم.
وتجلى هذا التطور، على الصعيد الإداري، بإضافة أعباء جديدة تنهض بها الدولة، فضلاً عن الأعباء التقليدية السابقة،مما دعا إلى إحداث أجهزة إدارة جديدة أو تطوير الإدارات القائمة والوسائل التي تستخدمها وانعكس ذلك على نطاق تدخل الإدارة العامة، فلم يعد دورها يقتصر على تنفيذ السياسة العامة للدولة وتحقيق أهدافها بل اتسع نطاق تدخلها أيضاً ليشمل المجال التشريعي.وذلك عن طريق إشراكها في رسم السياسة العامة للدولة في كثير من المجالات والنشاطات العامة والخاصة ولاسيما الاقتصادية منها.
طبيعة الإدارة العامة :
اختلف باحثي علم الإدارة حول طبيعة الإدارة العامة ، أي ماهية وجوهر وكيان الإدارة العامة ، هل هي علم ؟ أم فن ؟ ويعود سبب ذلك إلى أن الإدارة قد نشأت في بداية أمرها مستندة إلى الخبرات والمهارات الخاصة بالأشخاص أكثر من إعتمادها على المبادئ والحقائق العلمية .
فهل الإدارة علم بالمعنى الذي توصف به العلوم التطبيقية ؟ أي تتميز بخصائص ثابتة يمكن قياسها أو التنبؤ بها ؟ أم أن الإدارة فن له خصائص مثل المهارة والإبتكار والإبداع ، ومن ثم تتدخل فيه درجة الذكاء والموهبة والإلهام ؟؟ أم أن الإدارة ليست علماً فحسب ، وليست فناً فحسب ، وليست فناً وعلماُ ، وإنما هي شيءآخر يمكن أن نطلق عليه فلسفة ، على أساس أنها مزيج مجموعة من العلوم والعناصر مثل القيادة والإستراتيجية والإدارة ، … .
ولكن ما أجمع عليه معظم علماء الإدارة بالقول أن طبيعة الإدارة تجمع بين العلم والفن ، فهي علم عندما تعتمد على خطط البحث العلمي في كثير من مجالاتها ، وفن لأنها تحتاج إلى الذكاء والإلهام وسعة الأفق عند الحديث عن الرؤية المستقبلية .
وبعد أن تطرقنا لمفهوم الإدارة العامة وطبيعتها ونظرنا سريعاً على تطورها التاريخى سوف نقوم بالبحث في نشأة الفكر الإداري تاريخياً
نشأة الفكر الإدارى :
عرفت الإدارة منذ وجدت المجتمعات الإنسانية ، ذلك أن الإنسان منذ وجد على هذه الأرض فرضت عليه ظروف الحياة أن يعيش مع غيره ، ولا يستطيع أن يعيش في عزله ، لذا أخذ يتعاون وينسق الجهود مع الآخرين لتوفير مطالب الحياة.
وتظهر العمليات الإدارية في أبسط صورها في الأسرة بحكم تكوينها وطبيعة الروابط التي تربط بين أعضائها ، حيث تبرز في إطار النظام الأسري كثير من العمليات الإدارية التي يهتم بدارستها علماء الإدارة المتخصصين كتقسيم العمل ، التخصص ، توزيع الأدوار ، القيادة ، التشاور ، الضبط، وقد أكد مارشل ديموك في كتابه : ” تاريخ الإدارة العامة” على أن الإدارة قديمة قدم الحضارات الإنسانية ، حيث كانت موضع اهتمام الحضارات القديمة المصرية ، والإغريقية ، والصينية ، تدل على ذلك السجلات القديمة التي أمكن العثور عليها وقد كان ذلك الاهتمام نابعا من إدراك الإنسان أن الإدارة عنصر أساس ، وموجه رئيس في كافة شؤؤن الحياة
الإدارة في الحضارة القديمة:
لقد كان لمصر القديمة نصيب كبير في بزوغ العمليات الإدارية المعروفة في الوقت الحالي ، وفي ظهور الفكر الإداري والتنظيمي الذي مازال يعتبر معينا لا ينضب لكثير من النظريات الإدارية المعاصرة ، فالمجتمع المصري الفرعوني كان على جانب كبير من التنظيم الهرمي الذي هو رمز التنظيم الإداري على مر الزمن ، ففي قمة الهرم فرعون ملك مصر ، وتحت هذه القمة كان ينتظم في تسلسل تنازلي أخذ في الاتساع النبلاء ثم كبار موظفي الدولة ثم الكتاب والحرفين ثم العمال غير المهرة ثم الفلاحون. وهناك ثلاثة أقسام لإدارة شئون الدولة ، أولها لإدارة الشئون المدنية ، وكان يشرف عليها الوزير ، والثاني مخصص لإدارة شئون المعابد الدينية ، يشرف عليها كبار رجال الدين ، وقسم لإدارة شئون الحرب والجيش .
كما كان اهتمام مصر القديمة باختيار أفضل العناصر الإدارية لتوجيه دفة حياة المجتمع في جميع الظروف.
أما الصين القديمة فقد عرفت أقدم نظام في التاريخ لشغل الوظائف العامة على أساس عقد اختبارات للمتقدمين لدخول الخدمة واختيار الأصلح من بينهم.
الإدارة في الحضارة الغربية :
ورثت الحضارة الغربية ضمن ما ورثت عن الحاضرات القديمة المعرفة بأصول الإدارة وعملياتها ، ولكنها لم تقف عند هذا الحد ، بل اجتهدت في بلورة الأفكار الإدارية القديمة وصقلها ، وعملت على ضم البعض منها وصياغتها في نظريات جديدة كان لها أثر كبير في دفع الفكر الإداري ، ولم يكن الفكر الإداري الغربي في بدايته مهتما بنفس القيم والأخلاقيات التي شغلت الفكر الإداري في العصور السابقة بقدر اهتمامه بالقيم المادية التي سيطرت على الفكر والحضارة الغربية بوجه عام ، وكان لعلماء الإدارة في غرب أوروبا وأمريكا دور بارز في تنشيط الفكر الإداري وفلسفته ، فظهرت الإدارة كعلم له أصوله وقوانينه ومبادئه ونظرياته في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، حيث وضع العالم ماكس فيبر نظريته ” البيروقراطية في صورتها المثالية ، ثم تلى ذلك دراسات العالم الأمريكي فرديك تايلور عن الإدارة العلمية ، وفي أثناء تلك الفترة الزمنية ظهرت دراسات العالم الفرنسي هنري فايول ، ومن ثم ظهرت دراسات عرفت حينذاك بالمدرسة السلوكية ، ومن أبرز روادها جورج التون مايو ، وكانت تلك الفترة حافلة بالدراسات على مستوى الإدارة بوجه عام ، والإدارة العامة على وجه الخصوص ، حيث ظهر الاهتمام بعلم النفس الإداري ، ويبدو ذلك واضحا في دراسات ماسلو واتجاهات هيرزبرج ، وكونت هذه الدراسات ما يسمى بمدارس الفكر الإداري .
ومن الأسباب التي أدت إلى ظهور علم الإدارة وتطوره هي :
1- التطور التكنولوجي الحديث.
2- الثورة الصناعية : إذ كانت معظم محاولات المؤسسات الصناعية سواء في أمريكا أو أوروبا تهدف إلى إيجاد أساليب متطورة لزيادة الإنتاجية مع تخفيض التكلفة ، حيث نجد أن لكبار المستشارين في المؤسسات والشركات الدور الأساسي في وضع قواعد أساسية لتلك الوسائل التي تعتبر النواة للإدارة .
3- زيادة مجال النشاطات البشرية واتساعها.
4- الاتجاه نحو مزيد من التخصص والتنوع في المجتمعات الحديث
مدارس الفكر الإداري :
تبنت بعض الدراسات تصنيف مدارس الإدارة في مدارس ثلاث هي: المدرسة التقليدية، ومدرسة العلاقات الإنسانية، والمدرسة السلوكية، بينما دمجت دراسات أخرى المدرستين الأخيرتين في مدرسة واحدة باسم المدرسة السلوكية تارة وباسم مدرسة العلاقات الإنسانية تارة أخرى، واستحدثت دراسات أخرى مدارس مستقلة كمدرسة الموارد البشرية، ومدرسة النظم، ومدرسة اتخاذ القرارات.
ومن خلال الاطلاع على كثير من الدراسات والبحوث للوقوف على تصنيف يحمل في ثناياه مقومات التصنيف الجيد، تبيَّن أن التصنيف الذي أورده كل من بيندور وروجرز (Pindur & Rogers) في دراسة لهما بعنوان تاريخ الإدارة (The History of Management) هو التصنيف الأمثل بعد إجراء بعض التعديلات عليه والإضافات بحيث يشمل التصنيف مدارس خمس هي: المدرسة التقليدية، ومدرسة العلاقات الإنسانية، والمدرسة السلوكية، والمدرسة الكمية، والمدرسة الحديثة. وفيما يلي عرض موجز لكل مدرسة من هذه المدارس:
1- المدرسة التقليدية :-
ظهرت المدرسة التقليدية آواخر القرن التاسع عشر ، وجاءت متأثرة إلى حد كبير بنتائج بعض الدراسات التي تمت في مجال إدارة الأعمال بالدرجة الأولى ، إضافة إلى مساهمات بعض علماء الاجتماع وعلم الإدارة العامة.
ولهذه المدرسة عدد من الرواد ينتمون إلى بلدان مختلفة أبرزهم الأمريكي (فريدريك تايلور) رائد نظرية الإدارة العلمية، والفرنسي (هنري فايول) رائد نظرية الإدارة العامة، والألماني (ماكس فيبر) رائد نظرية البيروقراطية.
ومع التباعد الجغرافي بين الرواد الثلاثة، واختلاف السياق الثقافي، إلا أن أطروحاتهم اتسمت بوجود قدر كبير من القواسم المشتركة، لذا اتفق الباحثون في علم الإدارة على إطلاق اسم المدرسة التقليدية تعبيراً عن تلك الجهود، ومظلة لإسهامات الرواد الثلاثة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه بالرغم من وجود قواسم مشتركة بين رواد كل نظرية إلا أن هذا لا يعني عدم وجود الاختلاف والتباين في بعض النقاط الثانوية.
نظرية الإدارة العلمية:
يعد المهندس الأمريكي فريدريك تايلور رائد نظرية الإدارة العلمية (1856-1915)، حيث دعا فيه إلى تبني الطريقة العلمية في الإدارة عوضاً عن الطريقة العشوائية أو الحدسية، كما أشار إلى أن جهد العاملين في المنظمة مرهون بقدراتهم الجسمية، لذا ينبغي أن تولي الإدارة اهتماماً بحسن اختيار العاملين وتدريبهم، وكان يؤمن – تايلور -بأن المحفز الحقيقي للأفراد هو العامل الاقتصادي هذا بالإضافة إلى قناعته بأن العاملين بحاجة مستمرة إلى الإشراف والرقابة الصارمة لضمان عدم تقاعسهم في تطبيق الأسلوب العلمي في العمل.
مما سبق يتبين أن حركة الإدارة العلمية انطلقت من افتراضات تشاؤمية فيما يتعلق بنظرتها للإنسان حيث تنظر للإنسان بأنه كسول بطبعه وأن حافزه للعمل مادي وأنه غير قادر على تحمل المسؤولية .
نظرية البيروقراطية:
وهنا علينا أن نتعرف أولاً على مفهوم البيروقراطية من حيث نشأتها وطبيعتها فى مجال الإدارة بصفة عامة وعلاقتها بالإدارة العامة بصفة خاصة .
ماهى البيروقراطية:
كلمة البيروقراطية مشتقة من كلمتين لاتينية وإغريقية الأولى (Bureau) وتعني المكتب، والثانية (cracy) وتعني القوة أو السلطة أو الحكم، ومن ثم فالمقصود بالبيروقراطية هو حكم المكتب أو سلطة المكتب،
و قد عرفت دائرة المعارف البريطانية البيروقراطية العمل المكتبي الذي يتسم بدرجة عالية من التركيز ويسطر
علية مجموعة من الإجراءات والقواعد الرسمية

أما التعريف العلمي للبيروقراطية فانه غير محدد ومنها :-
Bureaucracy:هي مفهوم يستخدم في علم الاجتماع يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المنظمة. وتعتمد هذه الأنظمة على الاجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية والعلاقات الشخصية. وهنالك العديد من الامثلة على البيروقراطية المستخدمة يومياً: الحكومات، القوات المسلحة، الشركات، المستشفيات، المحاكم، والمدارس.
-فكتور تومسيس عرف البيروقراطية على أنها نظام دقيق لتسلسل السلطة وتقسيم العمل.
-البيروقراطية( بحسب نظر ويبر) هي الماكنة التكنولوجية للمجتمع الذي انتقل إلى مرحلة تاريخية مختلفة مع عصر التصنيع. كما عبر ويبر عن البيروقراطية بالقفص الحديد الذي يكبر مع تطور المجتمع الحديث.
البيروقراطية أيضا : مجموعة الإجراءات المطولة والملزمة حرفياً باللوائح والقوانين بحيث تنعدم اعتبارات العاطفة والاتصال الشخصي يتحول الاهتمام إلى التركيز على المسائل المادية في العمل .
نشأة البيروقراطية:
ولدت البيروقراطية مع نشوء الدولة الحديثة المعززة بجيش ضخم من الموظفين ورجال الإدارة ذوي الاختصاص بالمهام الموكلة إليهم، أو سياسيين، كانوا شريحة مؤثرة ذات نفوذ في الدولة وقراراتها السياسية، معبرين بذلك عن تحقيق مكاسب خاصة، أو توجيه السياسة العامة، وتلك السلطة والقوة تمارس على المواطنين.
لقد توطدت البيروقراطية أكثر منذ نهاية عصر النهضة في أوربا، حيث ظهرت تحولات سياسية واجتماعية وتقنية، ومع تحولات القرن التاسع عشر، وخصوصا ظهور الفكر الليبرالي والثورة الصناعية، ركزت البيروقراطية وجودها، وارتبطت فكرتها بالأساس بالتنظيم الإداري، أي سلطة وحكم المكاتب، ولم يثر ذلك أي إشكالية لحاجة الدولة إلى أجهزة ومؤسسات لإدارة دواليبها.
لكن البيروقراطية أصبحت مشكلة، وأهم موضوعات علم الاجتماع السياسي عندما طرحت التساؤلات حولها في المجتمع الذي يكون فيه الشعب هو صاحب القرار، لذلك لا نجد غرابة في أن يكون كارل ماركس من أوائل من وجه النقد للبيروقراطية مبينا أنها تعبير وتجسيد للدولة البرجوازية، وهو يشدد الذكر على هيغل الذي يرى أن الدولة تمثل التعبير النهائي عن المصالح العامة، ويرى ماركس أن هناك انفصالا بين الدولة والمجتمع، وإن أجهزة الدولة- البيروقراطية لا تمثل المجتمع، كما أن البيروقراطية كتجسيد للمصلحة العامة تقابل المصلحة الشخصية للأفراد، هو تعارض وهمي يستخدمه البيروقراطيون لخدمة أوضاعهم الشخصية.
نظرية البيروقراطية الإدارية ورائدها :-
هي إحدى النظريات الإدارية الكلاسيكية، يعد ماكس فايبر رائداً لها. و قد عرف فايبر البيروقراطية بأنها: مجموعة من الأسس الإدارية التي تخرج السياسة العامة للمؤسسة إلى حيز الواقع و تضعها موضع التنفيذ
الصحيح لتحقيق الأهداف.
يعتبر فيبر منظرا لها و هو من أصل ألماني كان راهبا متينا بروتستانيا درس جميع الأديان بلغ اعتزازه بالبروتستانية إلى حد جعله يراها خلف نجاح الرأسمالية في الغرب لدلك صاغ منها التنظيم المكتبي.
النظام البيروقراطي:-
ويعتبر ماكس فيبر أشهر علماء هذه المدرسة، قد اتخذ هذا الاتجاه من خلال ملاحظته لسوء استخدام المديرين لسلطاتهم، وعدم الاتساق في أسلوب الإدارة لعدم وجود قواعد حاكمة للسلوك.
ومن الجدير بالذكر أن مبادئ البيروقراطية في ذاتها ليس فيها ما يعيبها، إلا أنه عند تطبيقها تجد العاملين يهابون من أي تصرف نظراً للخوف من عدم وجود قاعدة أو إجراء تسمح بهذا التصرف مما قد يوقعهم في العقوبة.
ولذلك فالبيروقراطية الزائدة تؤدي إلى قتل روح الإبداع والابتكار؛ إذ يصير الهم الأكبر هو الالتزام بالقواعد والإجراءات فقط, دون النظر إلى التجديد والابتكار ورفع الكفاءة وزيادة الفاعلية
خصائص النموذج البيروقراطي:-
1- تقسيم العمل على أساس وظيفي واضح، قائم على مبدأ التخصص وليس العلاقات.
2- التدرج الهرمي، بتقسيم المنظمة إلى عدة مستويات، وخضوع المستوى الأدنى لإشراف وتوجيه المستوى الأعلى.
3- سيادة العلاقات الرسمية بين الأعضاء وتنحية الاجتماعية.
4- وجود قواعد وإجراءات رسمية مكتوبة للعمل، دون النظر في العاملين.
5- المكتب ليس ملكًا لصاحبه.
6- اعتماد الوظائف على الجدارة.
7- الفصل التام بين ممتلكات المنظمة والمنظمات الشخصية.
سلبيات النموذج البيروقراطي:-
1- تحويل الموظف إلى المسلكية والنمطية، صحيح أنها تساعد الفرد على التنبؤ بالمستقبل، إلاّ أنها تصنع منه ضمن إطارها الميكانيكي فردًا مهمًا وبعيدًا عن البحث في سبيل التغيير نحو الأحسن.
2- تجعل من الموظف البيروقراطي مقاومًا للتغيير وإن كان تغييراً وظيفاً؛ لأنه أصبح متقناً لهذه المهارة حدالتلقائية.
3- تجاهلها لدور الفرد في التنظيم، ومعاملته كآلة.
4- عدم أخذ البيروقراطية بالتنظيم غير الرسمي، وإن كان مهمًا في إنجاح التنظيم الرسمي.
5- عدم امتلاك البيروقراطية الوسائل الكافية لحل الخلافات والنزاعات.
6- غالبًا ما يتحول النموذ البيروقراطي إلى مجتمع مغلق.
من مساوئ البيروقراطية أيضا:ً
انظمه متصلبة أي أنها لا تتقبل الأفكار الحديثة بسهوله بل يتطلب ذالك أحيانا فترات زمنيه طويلة .
حماية الصلاحيات لان الإداريين يهتمون بتوسيع مدى صلاحياتهم ولا يهتموا بالقضايا المتعلقة بإنتاجية العمال .
بطء صنع القرار وذا لايتفق مع مبدأ مهم من مبادي الاداره والذي ينص على أن الوقت مال .
لايتلائم هذا النمط الاداري مع المتغيرات المتلاحقة .
لايتلائم مع القيم الحرفيه عالية التأهيل.
البيروقراطية والإدارة العامة : –
يتفق علماء الإدارة والاجتماع والسياسة بصفه عامة على ان نظم السلطة العامة مهما بلغت من الضروري إن تكون لها بنية للإدارة العامة تتفق ومعايير البيروقراطية فطبيعة أنشطة السلطة العامة تستلزم وجود منظمات إدارية كبيرة لها طابع بيروقراطي يتميز بوجود ترتيبات هيكلية داخليه محددة ووجود تخصص وظيفي مصمم تصميما واضحا ووجود أنماط ومستويات محددة للتأهيل للانضمام إلى عضويه المنظمة البيروقراطية.
و لايعني هذا بأى حال أن هناك توحيد كامل حتى في الخصائص الهيكلية ولكنهه يعني فقط أن الأسس افلتي تقوم عليها كل البيروقراطية ذات الطابع العام واحدة.
أما الخصائص التشغيلية (مجموعة الأساليب والنظم العملية) فلا بد وإنها سوف تتباين أو تختلف باختلاف الظروف السياسية و الاجتماعية والاقتصادية التي تعمل فيها المنظمات البيروقراطية العامة أو الإطار البياني الذي تعمل فيه وتتفاعل معها.
نظرية الإدارة العامة:
ظهرت هذه النظرية في فرنسا على يد المهندس الفرنسي هنري فايول( Henri Fayol) الذي عاش في الفترة من (1841-1925م)، وقد تم اشتقاق اسم النظرية من المؤلف الشهير الذي قدمه فايول بعنوان الإدارة العامة والصناعية (General and Industrial Management ) وبينما أنصب اهتمام تايلور على الإدارة الصناعية في مستوياتها التنفيذية (العاملين وخطوط الإنتاج)، فقد انصب اهتمام فايول على الإدارة في مستوياتها العليا. وقد صنف فايول الأنشطة التي تقوم بها المنظمة إلى ستة أقسام هي: (أنشطة فنية ،أنشطة تجارية ،أنشطة مالية ،أنشطة أمنية ،أنشطة محاسبية ،أنشطة إدارية ) وقد ركز فايول على النشاط الإداري وقسمه إلى خمس وظائف إدارية هي )التخطيط ، التنظيم ،التوجيه، الرقابة، التنسيق)
المدرسة التقليدية الحديثة ( حركة العلاقات الإنسانية )
من خلال التجارب التي أجراها فريق الباحثين الذي يقودهم مايو روثلبرج عام 1937 في صنع هاوثورن التابع لشركة ويسترن إلكتريك بولاية شيكاغو تبين لفريق الباحثين أن أداء العاملين يعتمد على عوامل أخرى غير معدلات الأجور وغير الظروف المادية .
إن تجارب الهاوثورن كانت بمثابة نقطة تحول في الإدارة وفي تحليل السلوك الإنساني ، كما أنها أصبحت الأساس لما يسمى بعد ذلك بحركة العلاقات الإنسانية .
لقد أدرك كتّاب الإدارة أن السلوك الإنساني معقد ويمثل طاقة محركة في العمل ، وأن العمال ليسوا مجرد معطيات في نظام المنشأة ، بل لهم حاجات ورغبات يجب على المنظمة النظر إليها بعين الإعتبار .
لذلك ركزت المدرسة التقليدية الحديثة على التنظيم من ناحية العوامل الإجتماعية والنفسية ، كما أخذت بعين الإعتبار أثر وأهمية التنظيمات غير الرسمية الموجودة ضمن التنظيم ، ونظرت إلى الفرد بتكوينه العاطفي والإجتماعي والنفسي وما يحمله من قيم وآراء ومعتقدات وأفكار وطموحات ونزعات إنسانية ، وهي التي أظهرت أهمية الفرد كعنصر رئيسي في تنظيم وليس كأداة إنتاجية أو آلة مجردة من الحس والشعور والعواطف والأفكار والاحتياجات.
وقد قدم العالم ماكروجر نظرية سماها نظرية X , Y حيث X هي وجهة النظر التقليدية أي النظرية الكلاسيكية التي تنظر إلى العلاقات التنظيمية في العمل نظرة فردية تنحصر في أداء الفرد لواجباته وهي مخالفة للواقع ، بينما Y هي وجهة النظر الإنسانية للعلاقات المتكاملة بين أهداف الفرد وأهداف التنظيم ، لأن العلاقة التنظيمية تلامس مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية لأعضاء التنظيم
النظريات التنظيمية الحديثة :
بعد الحرب العالمية الثانية والتقدم التكنولوجي الذي أفرزته الحرب تنوعت المنتجات وتحسنت وسائل الاتصالات وتضخمت المنظمات ، مما أدى إلى تعقيد القرارات التي يتعين على المدراء اتخاذها ، وأصبح قادة الأعمال بحاجة إلى أساس جديد أكثر تطوراً في حل مشكلات العمل وإدارة الأعمال ، نتج عن هذه التطورات والتغيرات مدارس ومداخل إدارية جديدة ومعاصرة وهي مدخل النظم ، ومدخل الإحتمالات .
أ – مدخل النظم ( تشرشمان ) : يرى تشرشمان أنه يجب أن ننظر إلى المنظمة بنظرة كلية ، وأن النظام هو أجزاء متداخلة ( المدينة ، المستشفى ، المدرسة ، البنك ، …. ) ، كما يعتقد تشرشمان أن النظر إلى المنظمة كنظام يساعد على معرفة أن الأجزاء المختلفة والأقسام والنظم الفرعية في المؤسسة تمثل أجزاء متداخلة يجب أن تعمل على تحقيق أغراض المنظمة.
فتحديد المستوى الأمثل للمخزون سوف يؤثر على جميع الأقسام الأخرى ، سوف يؤثر على قسم الإنتاج ، وعلى قسم المبيعات ، وعلى قسم التمويل ، …. وهكذا .
ب – مدخل المواقف ( بيرنز وستوكر ) : يرى المدخل الموقفي أن تخصص المنظمة وطريقة الإدارة تتوقف على نوع وطبيعة المهام التي تسعى المنظمة لتحقيقها .
أي أنه يفضل اللجوء إلى المدخل الكلاسيكي إذا ما إتصفت الأعمال بالروتينية ، مثل مصانع الغزل والنسيج ، مصانع السكر ، مصانع الجلود ، …… ، واللجوء إلى المدخل السلوكي في الأنشطة التي تتطلب قدراً من الإبداع والإلتزام مثل مصانع وشركات الألكترونيات ومراكز الأبحاث  

المدرسة السلوكية :
شهدت العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي سلسلة من التغيرات القوية في كل دول العالم ، فبدأت الهجرة من الأرياف إلى المدن ، وزاد إعتماد الأفراد على بعضهم البعض ، وزادت عملية الميكنة ، كما إزدادت درجة التخصص في العمل وكذلك إزدادت درجة التداخل في الأعمال وأصبح الناس يعيشون في عصر النمو السريع ، وبدأت الحكومات في نفس الوقت تتدخل بشكل متزايد في الشؤون الإقتصادية ، كما صدرت في نفس الوقت مجموعة من القوانين التي تحد من الإحتكارات الصناعية الضخمة ، كما إنتشرت أيضاً الحركات الإجتماعية التي تنادي بوضع حد أدنى للأجور ، وتشجع تأسيس إتحادات للتجارة ، وبدأ ينمو في تلك المجتمعات الإتجاهات المضادة للفردية ، وبدأ الناس يتساءلون عما إذا كانت الفلسفة القائمة على الفردية والعمل الشاق وتعظيم الأرباح لاتقبل جدلاً.
فمابين الأعوام 1929 و 1939 حدث كساد كبير في العالم وإرتفعت البطالة بين العمال ، وإنخفضت الدخول وإنهارت الأعمال وهبطت المعنويات ، وظهرت فلسفة إجتماعية جديدة تركز على أهمية الجماعة ، وأن يكون الجميع معاً ، وضرورة التدخل الحكومي
نتيجة الكساد الذي حصل في تلك المجتمعات ظهرت أنشطة جديدة وهي أنشطة البحوث والتطوير ، مما أدت بالتالي إلى خلق منتجات جديدة متنوعة تحتاج إلى وظائف تتمتع بدرجة أكبر من الإبتكار والإستقلالية من جانب العمال .
وقد أجريت في نفس الفترة تجارب على مجموعة من العاملين للتأكد من أن إفتراض الإدارة الكلاسيكية التقليدية الذي يرى أن الظروف المادية المحيطة بالعمل تؤثر على أداء العاملين ، ومن ثم فإن الأداء يتحسن بتحسن ظروف العمل من إضاءة وتهوية ومعدلات الأجور .
أجريت تلك التجارب في مصنع هاوثورن وهومصنع تابع لشركة ويسترن إليكتريك ، وكانت النتائج مخالفة للمتوقع ، فقد تبين أن تحسين أداء العمال يعتمد على عوامل أخرى غير الظروف المادية وغير معدل الأجر.
لقد أدت تلك التجارب إلى إكتشاف أن التعاطف مع العمال والإهتمام بمشاكلهم الشخصية والتعامل معهم كأشخاص لهم كيان وقيمة وتميز وأهمية يعطي حافزاً ودافعاً أكبر للعمال لتحسين أدائهم .
أدت النتائج التي أفرزتها تجارب الهاوثورن إضافة إلى الطلب الجديد للإستقلال والإبتكار من جانب العمال في تلك الفترة إلى منهج سلوكي جديد في الإدارة .
مثلت تلك الفترة أساس لما يعرف بعد ذلك بحركة العلاقات الإنسانية ، وبدأ الكتاب يدركون أن السلوك الإنساني في العمل سلوك معقد ويمثل طاقة محركة عند التعامل معها بصواب ، كما أدرك كتاب الإدارة أن العمال ليسوا مجرد معطيات في نظام المنشأة ، بل لهم حاجات ورغبات يتعين على المنظمة والقائمين عليها أن يلبوها .

الأربعاء، 1 أبريل 2020

تطور علاقة الانسان بالتكنولوجيا

تطور علاقة الانسان بالتكنولوجيا

العلاقة بين التكنولوجيا والانسان لاقت اهتماما كبيرا منذ بداية القرن العشرين وخاصة من قبل صناع الدراما من روائيين وسينمائين وشغل تفكيرهم ما سيأتي به التطور التكنولوجي من أثر على حياة الانسان، فشاهدنا أفلاما كثيرة ترصدها ويدمن البشر نوعا من التكنولوجيا تستطيع عرض أحلامهم وكأنها فيديو.

العلاقة بين الانسان والتكنولوجيا ليست موضوع درامي ولكن لاقت اهتماما كبيرا من الأكادميين وفي مقدمتهم شيري تيركل أستاذة بمعهد ماساتشوستش للتكنولوجيا وهي باحثة في علم الاجتماع وعلم النفس وألفت كتابين في هذا الموضوع : الذات الثانية والحاسوب وطبيعة البشر والحياة على الشاشة والهوية في عصر الانترنت.
التعامل مع الحاسوب في عصر الثمانيات كان مقصورا على مهندسي الحاسووب أما الآن فالجميع يتعامل مع الحاسوب المهندسين والقضاه ورجال الأعمال والأطباء وغيرهم فطريقة الحاسوب تؤثر على طريقة تصور المعماري للأشكال المعمارية وعلى رؤية الجراحين للجسم البشري ولطريقة اجراء العملية الجراحية فبذلك التكنولوجيا لها تأثير كبير جدا في حياتنا اليومية وعلى طريقة التفكير الخاصة بنا وعلى رؤيتنا المستقبلية للأمور، ويجب أن نوجه انتباهنا لكيفية استخدام التكنولوجيا حتى نحصل منها على ما يريد بدلا من أن ترسخ فينا قيم وعادات أفكار لاتتناسب مع شخصياتنا والانسان غير مؤهل لاستخدامه لما له من آثار نفسية وبعد ذلك نردد أن التكنووجيا ليست إلا أداة بأيدينا ولكن العكس هو الصحيح أن الانسان البشري هو أداة بأيدي التكنولوجيا.

علاقة الانسان بالتكنولوجيا 

الانسان في عصر ماقبل التعلم والكتابة والتكنولوجيا يعيش في عصر الأشياء الكثيرة والوسائل القليلة وكان يدرك الأشياء وكان يملك ذاكرة قوية لكن في حدود الصوت والصور الذهنية وكان الناس يصدقون المعلومات التي يحصلوا عليها من الآخرين دون التأكد من مصادر أخرى لعدم توفرها وكان الناس تعتمد على أذانهم للايمان بالحقائق وهذا ماجعلهم عاطفيين يتأثرون الكلمة المنطوقة المصحوبة بتنعيم أو نبرة صوتية معينة تختلف باختلاف المعلومة أو الخبر المنقول لكن بعد اختراع الكتابة والتكنولوجيا أصبح الانسان أكثر حيادية لاستخدامه موضوعية العين المجردة وأصبح يوثق ماضيه وذكرياته على هيئة كتاباته أو أشعار أوصور ومقاطع فيديو، وساعدت التقنيات الحديثة على تصوير خيال الانسان و إعادة التوازن الصحي للحواس وجعله فردا اجتماعيا داخل الدوائر  الاكترونية وذلك لأنها تعمل على توسيع وتقليد عمل العقل البشري وادماجه في النظم الاجتماعية حتي لو كانت الالكترونية فقط.
الاختراعات التكنولوجية لها تأثير واضح على حياتنا والوسائل التي يستخدمها المجتمع أو يضطر لاستخدامها تحدد طبيعة وكيفية معالجته لمشاكله وتشكل الظروف التي تؤثر على نظرية للأمور والأسلوب الذي يفكر به الناس، وطبيعة الوسائل المستخدمة في كل مرحلة من المراحل التي تساعد على تشكيل المجتمع ويستقبل المجتمع هذا النوع من التطور بنوع من الدهشة حتى يبدأ الفرد بالتعلم والتمرن على هذه الوسيلة وأن يصبح التعامل مع هذه الظاهرة اعتاد عليها المجتمع ضمن عادات المجتمع وجزء من كيانه ومثال على ذلك الأطفال الذين بدأوا استخدام الالكترونيات في اللعب والرسم واعتادوا على ذلك لا يمكن أن يتخيلوا المجتمع بغيرها لأن حياتهم تشكلت على اساس من التطور التكنولوجية .
يجب على الانسان ألا يتقيد بالتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة ولايجعلها تسيطر عليه ويتقيد بها بل عليه أن يتحرر منها ويعود الى أسرته والى عالمه الواقعي وكأنه يحيا من جديد مرة أخرى .
أن يفرض شخصيته العاقلة المتحررة على الشئ المفترض أن يكون الانسان حرا في اختياره وعمله والا يكون تابعا لأي شئ استهلاكي في هذا العالم .
يجب على الانسان ألا يخضع للماديات وعليه أن يتحرر منها قدر الامكان.
يجب على الانسان أن يأخذ من التكنولوجيا الايجابيات ويتجنب ما يتسبب في دمار انسانيته ومجتمعه ولا يجعل نفسه أسيرا او عبدا لها ولشهواته.

آثار التكنولوجيا على الانسان

في هذه الفقرة سنتطرق إلى الآثار السلبية التي تنعكس على مستخدمي التكنولوجيا.

زيادة الوزن

الرقود وقتا طويلا أمام شاشات الأجهزة التكنولوجية أدت الى قلة ممارسة التمارين الرياضية فبالتالي لا يقوم الجسم بحرق الدهون والوحدات الحرارية ممايزيد من خطر التعرض للوزن الزائد.

أوجاع العنق والظهر

يؤدي الجلوس لأوقات كثيرة على ساسات الكمبيوتر تؤدي الى أوجاع في الظهر والعنق ويخسر العنق انحناءاته الطبيعية .

مشكلة النظر

تزداد مشكلات النظر بسبب كثرة التحدق في شاشات الأجهزة الالكترونية لساعات طويلة وتسبب في استعمال النظارات الطبية.

قلة النوم


تتراجع عدد ساعات النوم كلما أكثرنا من استعمال الأجهزة الالكترونية اضافة الى تبدلات في طبيعة النوم وعاداته .

حكاية كورونية

(حكاية كورونية)




قبل تسع سنوات وفي مثل هذه الأيام وصل إلينا ما يسمى( بالربيع العربي) بعد أن نسم هواءه الملوث على دول عربية وملأها غباراً ودخاناً وناراً فهو ليس ربيعاً ولا حتى شتاءً انه زلزالاً مدمراً. في بداية الأمر لم نستوعب ما يحدث ولم نصدق ما يجري ولكن بعد مضي بعض الوقت فهمنا وصدقنا وعرفنا بأنها مؤامرة كبيرة وبدأنا بالتصدي والمقاومة كل على طريقته وحسب إمكانياته.
لم يسلم مكان ولا إنسان والجميع دفع ثمن الحرب كم من بيوت تهدمت وكم من أسر شردت وكم من شباب استشهدوا لم يسلم بشر ولا حجر ولا حتى الشجر.
سوريتنا اتشحت كلها بالسواد ولكن بفضل من آمن بالبلد وضحى وقدم الغالي والرخيص انتصرنا والآن يعيد التاريخ نفسه فبعد الحرب الكونية على سورية جاءتنا الحرب الكورونية.
بلاد العالم كلها مصابة والوباء وصل إلى سورية بنسبة قليلة حتى الآن. طبعا في البداية سخرنا من الأمر وأخذناه بروح الدعابة المعروفة عند الشعب السوري ولكن الموضوع يحتاج إلى جدية ووعي وكانت القرارات الحكومية بالمرصاد للوباء وعلينا احترامها والتقيد بها كي نخرج من هذا البلاء ومثل أي موضوع في الحياة له جانبين سلبي وايجابي ولكي نكون متفائلين علينا أن نفكر
بايجابية ونسأل ماهي العبرة مما يجري؟ معظم البيوت مفككة فأهل البيت الواحد تحت سقف واحد جسديا ولكن عقليا ونفسيا وعاطفيا كل لوحده في عالمه الافتراضي لا تفاهم لا ترابط ولا احترام للأسف لعل الكورونا تقربهم من بعضهم وتعيد المحبة إلى القلوب. شبابنا يضيع وقته في المقاهي والشوارع نرجو أن تعيدهم الكورونا من خلال بقائهم في البيوت إلى القراءة وممارسة الهوايات والى العبادة. هذا الحجر الصحي الذي نعيشه كم من مدينة وحي عاشوه وكان حجرا قسريا تحت الحصار والإرهاب طبعا تألمنا لحالهم ربما الآن نشعر بمعاناتهم وصبرهم وصمودهم.
ولعل الكورونا أيضا تذكر الأغنياء بالفقراء من أبناء البلد وربما من الأقارب(الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) فيعود التكافل الاجتماعي الذي غاب عن مجتمعاتنا.
انه درس مفيد فربما الكورونا تذكرنا بعاداتنا العربية الأصيلة التي افتقدناها في زمن العولمة وأخيرا وليس أخرا علينا بالالتزام والصبر والإيمان
رب العالمين يبلي ويعين ونرجو من الله دوام الصحة.
                                                                                                                                                                           بقلم:سوريا

الأبجدية الفينيقية

الأبجدية الفينيقية

إن كلمة الأبجدية في اللغة العربية المكونة من الأحرف "ابجد"، وكلمة "alphabet" المستعملة في معظم اللغات الأجنبية والمؤلفة من أول حرفين الألف والباء، هما الدلالة للأصل الفينيقي لجميع اللغات المستعملة في عصرنا الحديث.
الفينيقيون هم الذين نقلوا هذه المعرفة إلى الإغريق لإنشاء لغتهم الخاصة ومن ثم تعميم استعمال هذه الأحرف.

أسطورة الأميرة أوروبا تتحدث عن رحلة قدموس إلى اليونان والتقدم الثقافي الذي عرضه على سكان المنطقة في مقابل الحصول على معلومات بشأن خطف شقيقته. هذه الأسطورة تتناسب مع الواقع التاريخي الذي ذكره المؤرخ اليوناني هيرودوت، حيث أشار: "إن الفينيقيين وصلوا [إلى اليونان] مع قدموس [...] وروًجوا الأبجدية عند الإغريق، التي لم يكن هؤلاء، كما أعتقد، على علم بها". بعد عدة قرون وفي العصر الروماني، ذكر المؤرخ بليني هذا الموضوع قائلا: "إن الشعب الفينيقي لديهم مجد اختراع الحروف الأبجدية."

قدموس والتنين - اللوفر
بعض علماء ومؤرخي العصور القديمة عارضوا هذا الرأي واعتمدوا ان دور الشعب الفينيقي اقتصر على تعميم الأبجدية. في القرن الأول قبل الميلاد، ثيودوروس الصقلي نقل عن أراء الشعب الكريتي: "ضد أولئك الذين يقولون أن السوريين اخترعوا الحروف الأبجدية والفينيقيين، بعد تعلمها، أحالتها إلى الإغريق[.] فقالوا [الكريتيين] أن اختراع الأبجدية لا يعود في الأصل إلى الفينيقيين، لكنهم غيروا فقط شكل العلامات"(1).
بناء على هذه الآراء، يبدو واضحا أن استعمال ونشر الأبجدية يعود إلى الفينيقيين. عبر التاريخ الكثير من الأدلة والكتابات تعترف بهذه الحقيقة، لكن هناك بعض الاختلافات في الرأي حول دورهم الفعلي، فاعتبر بعض المؤرخين إن اختراع الأبجدية يعود للشعب الفينيقي والبعض الأخر يعتمد بان الفينيقيين كانوا مجرد وسطاء حيث تعلموا الأبجدية من حضارات سابقة وحسنوها ومن ثم نقلوها إلى الإغريق، مما ساعد على إعطاء هذه الأبجدية شكلها النهائي الذي هو اصل جميع اللغات المتداولة حاليا.
في مواجهة هذه الحقيقة التاريخية، المثيرة للجدل إلى حد ما، من الواجب النظر في هذه المسألة على ضوء الاكتشافات الأثرية التي ولا بد ألا أن تقدم إجابات أكثر عقلانية وعلمية لهذه الموضوع.


أنظمة الكتابات القديمة في الشرق الأوسط


عموم الحضارات القديمة التي ازدهرت في أنحاء البحر الأبيض المتوسط، استخدمت أنظمة خاصة بها للكتابة، على رغم هذه المناهج المختلفة، استندت جميعها على أشكال تصويرية كالهيروغليفية او المسمارية...
بين الأكثر تمثيلا سوف نتناول ثلاثة منها:
  • في مصر، كان النظام المستخدم في وقت الفراعنة مكون من مئات الصور التوضيحية (للرجال والنساء في مختلف المواقف، والحيوانات والنباتات والكائنات)، البعض له أهمية ايديوغرافية فقط، أما الآخر فقيمته ايديوغرافية أو لفظية تقتصر على حرف أو اثنين أو ثلاثة من الحروف الساكنة. هذه الكتابة المصرية نُقِشَتْ على نطاق واسع على الآثار ومعروفة بالهيروغليفية (من اليونانية hieros: المقدسة وglyphein: الحفر). من ثم استُعْمِلت نماذج مخطوطة على أوراق البردي واطلق عليها اسم "الهيراطيقية" (hiératicos من اليوناني) أو "الكتابة الكهنوتية" والتي كانت مخصصة للمعابد.
  • في بلاد ما بين النهرين، أقدم الكتابات تعود إلى عهد السومريين (الألف الرابع والثالث ق.م). رغم اعتماد علامات تصويرية مماثلة لما كان عليه في مصر، تم تبسيط هذه الرسوم لتتكون من شبكة خطوط في شكل مسامير أو أسافين ومن هنا جاء اسم "المسمارية". بالنسبة للفظ، هذه العلامات تمثل على حد السواء الأحرف الساكنة والمقاطع الصوتية، وذلك لأن اللغة السومرية أعطت نفس الأهمية لأحرف العلة كما هو من الحروف الساكنة. استمر استعمال هذا النظام من قبل الحضارات التي تعاقبت بعد السومريين (كالأكاديين والأشوريين والبابليين) مع بعض التعديلات لتكييفه مع لغاتهم. في العصر البابلي ومع امتداد وانتشار إمبراطوريتهم، استُخْدِمَ نظام الكتابة المسمارية كلغة ثقافية وفي العلاقات الدولية.
  • في جزيرة كريت تم اختراع كتابة اعتمدت على الأصوات، حيث العلامات المعزولة كانت تمثل مقاطع لفظية. ميز السير آرثر إيفانز، من اكبر المتخصصين في الحضارة الكريتية، أربعة أنظمة مختلفة تلاحقت عبر السنين:
    • الهيروغليفي "A" أو الأولية (٢١٠٠ -١٩٠٠ ق.م.).
    • الهيروغليفي "B" (١٩٠٠ـ١٧٥٠ ق.م.).
    • الخطي "A" (١٦٦٠ـ١٤٥٠ ق.م.).
    • الخطي "B" (١٤٥٠ - ١٢٠٠ ق.م.).
      حتى الان لم يتم فك هذه الرموز بكاملها.
في تلك العهود، كانت المدن الفينيقية، كمعظم الساحل الشرقي من البحر المتوسط، حينا تحت السيطرة المصرية واحيانا في ظل حضارات بلاد ما بين النهرين. مع هذا الوضع، تعرضت المنطقة إلى تأثيرات ثقافية مختلفة حسب الوجود العسكري أو النفوذ السياسي، فوُجِدَ عدد من الوثائق المكتوبة بالخط المسماري أو المصري والتي يعود تاريخها إلى الألفية الثالثة ق.م.. في القرون الأولى من الألفية الثانية، ونتيجة الوضع السياسي في المنطقة، حصلت المدن على بعض من الاستقلالية والحكم الذاتي فسعت لتطوير نظام خاص للكتابة. على الرغم من استمرار استعمال النظام المسماري (الكتابة البابلونية) كلغة ثقافية وفي التبادل الدولي، شعرت هذه المدن على الحاجة إلى تحسين الكتابة واستبدال الأنظمة المصرية والبابلية بأنظمة اقل تعقيدا وصعوبة في التعليم، فتمت محاولات متعددة في أماكن وأوقات مختلفة، من أجل ابتكار كتابات جديدة ومبسطة واستعمال الأوراق على حساب الألواح.


أنظمة الأبجدية ما قبل الفينيقيين

قبل مناقشة أصل الأبجدية الكلاسيكية الفينيقية، التي هي مصدر العديد من النظم الأبجدية في العالم، دعونا نلقي نظرة سريعة على أول أساليب الكتابة التي ظهرت في المنطقة، وعلى ما يبدو، كان لها تأثير كبير على تطور الأحرف الفينيقية.
الأبجدية الكنعانية الأولية (بروتو-كنعانية) : معروفة أيضا في مناطق بلاد الشام (لبنان وفلسطين وسوريا) تحت اسم "الهيروغليفية الزائفة"، فهي تشبه على حد بعيد الهيروغليفية المصرية، التي تمثل الحيوانات والنباتات، والأدوات، وأنماط هندسية، الخ. هذه الكتابة مكونة بشكل أساسي من مقاطع لفظية، تحتوي على أكثر من ١٢٠ رمزا مسماريا، وما زالت غير مفهومة تماما على رغم جهود كبار الخبراء والأخصائيين.
النقوش السينائية الأولية (بروتو-سينائية) : مكونة من مجموعة من النقوش (٢٥ نقشا) ويعود تاريخها إلى حوالي عام ١٦٠٠ ق.م. حيث وُجِدَتْ على موقع سرابيط الخادم في العام ١٩٠٥ في شبه جزيرة سيناء وبالقرب من مناجم الفيروز التي استثمرها الفراعنة. تتضمن علامات غير معروفة حتى ذألك الحين وبعض هذه الرسوم تشبه الهيروغليفية المصرية. من بعد عدة تحاليل تمكن الخبراء تميز ٢٣ حرفا لتشكل أبجدية كاملة قريبة من الأبجدية الفينيقية.



ألواح الكتابة المسمارية في أوغاريت: اكتشفت في أواخر عام ١٩٢٠ في موقع رأس شمرا الحالية، على الساحل السوري، في الجزء الشمالي من فينيقيا. يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. أسلوبها قريب من الكتابة المستخدمة في بلاد ما بين النهرين. الألواح كانت مصنوعة من الطين، الكتبة استخدموا أبجدية مسمارية(2) مكونة من ثلاثين شكلاً. ثراء النصوص تكمن في تنوعها (نصوص دبلوماسية، معاهدات تجارية، مستندات قانونية، الخ). بعض الباحثين يعتمدون أن مدينة أوغاريت كانت تحت تأثرات الكتابات السابقة وهذا بسبب موقعها الجغرافي على مفترق الطرق بين القوى المهيمنة في ذلك العهد وعلاقاتها الدبلوماسية والتجارية.
ولكن هل من الممكن أن نفترض أن أحد هذه الأنظمة هو المصدر المباشر للأبجدية الفينيقية؟
النظامين الأولى هي، حتى الآن، لم تحلل ألا جزئيا، في حين الثالث يرتكز على علامات مسمارية. لا يمكن إنكار أن الأبجدية الفينيقية كانت مستوحات من هذه الأنظمة الثلاثة ولكن مع الكثير من التحسينات لتصبح أكثر لفظية من تصويرية، وأدائها مقابل أنظمة الكتابات القديمة يعود إلى العدد الأقل من الأحرف لتصبح سهلة باستعمالها وترويجها.
فهل هناك فعلا اتصالا أكثر مباشرة؟ فك شفرة كاملة لهذه الأنظمة لربما أن تسلط الضوء على هذا الرابط "الوراثي".
أشار ريمون ويل(3): "إن الفينيقي وحده من بين منافسيه، يجب ان يعيش ويضمن ثروته في هذا العالم والى القرون التالية، ولكن ما ينبغي لنا أن نستنتج من هذا التعدد، او من تقنية الاختراعات عامة ؟ ببساطة يبدو أن فكرة هذا الاختراع نضجت في بلد متوسطي وسامي متحضر، وظهر المبدأ في كل أنحاء المنطقة السريانية الفلسطينية، وأن هذه الأنظمة كانت على وشك أن ترى النور من دون انتظار، كل واحد بدوره، في نقاط مختلفة، على أشكال متنوعة حسب الظروف والتأثيرات المحلية ووفقا لبراعة وخيال هؤلاء المخترعين".


الأبجدية الفينيقية

تتكون الأبجدية الفينيقية من ٢٢ حرفا (الحروف الساكنة) وتكتب، مثل العربية والعبرية، من اليمين إلى اليسار. تم كشف سرها في عام ١٧٥٨ من قبل الأب بارثولوميو احد علماء عصر التنوير الفرنسي. لفك التشفير، درس الأب بعض النصوص المنقوشة في اللغتين اليونانية والفينيقية التي وجدت في جزيرة مالطا فضلا عن الكتابات المسجلة على عملة مدينة صور. فأبتدئ في دراسة وتحليل الأسماء من اجل الحصول على الأحرف القليلة الأولى. وعلى افتراض أن اللغة الفينيقية قريبة من العبرية وأن هذه الأبجدية تحوي ٢٢ حرفا، ارتكز على الحروف الساكنة وخاصة تلك التي تكون بعض الأسماء كصور وملكارت وعدد من الكلمات السهلة ومن ثم قارنها مع النسخة اليونانية التي مكنته في النهاية إلى قراءة النص بكامله وتمييز جميع الحروف الفينيقية.
صعوبة فك رموز الأبجدية الفينيقية كان نتيجة عدم وجود الكثير من النصوص. النقوش المنحوتة على الحجر التي وجدت كانت محدودة، وبوجه خاص، كانت مكرسة للنصوب الملكية، والإهداءات إلى الآلهة والكتابات الجنائزية (4).
بعض النقوش تم رصدها هنا وهناك على طريق الحملات وفي مختلف المدن والمراكز التجارية التي اسسها الفينيقيون خصوصا على شواطئ البحر الأبيض المتوسط. الأكثر إثارة للاهتمام هو دراسة المراسلات والعقود أو المعاملات التجارية (القابلة للتلف مع مرور الوقت) والتي كانت السبب الرئيسي لتطوير الأبجدية ومحركها ولنشرها في جميع أنحاء العالم القديم. بعض المؤرخين اعتمدوا أن الدافع الرئيسي الذي ألهم الفينيقيين كانت الراحة التي تقدم لهم الأبجدية والخدمات المتوفرة لتسهيل معاملات الصناعيين والتجار في حساباتهم والتبادل وتيسير الاتصال مع مختلف الشعوب.
بين النصوص الأكثر شهرة، نجد نقوش حيرام ملك بيبلوس، المحفورة في العام ١٠٠٠ ق.م. من قبل ابنه على ناووس الملك الذي استعاد استخدامه. يعتبر هذا النص كأول نقش في اللغة الفينيقية، ويستخدم ١٩ حرفا من الأبجدية من أصل ٢٢، حيث الكلمات كانت مفصولة بخطوط.
بعض النقوش، على طابع ملكي، تعود إلى الفترة الفارسية وخاصة في صيدون عندما أصبحت المدينة المهيمنة من الساحل الفينيقي. ملوكها نحتوا العديد من الإهداءات لآلهتهم وسجلوا تحذيرات على مقابرهم ضد اللصوص. النقش الجنائزي على تابوت الملك إشمون عازر لا يزال واحد من الأهم والأكثر ذكرة. الأبجدية المستخدمة في صيدا كانت أكثر تقدما من تلك التي وجدت على ناووس ملك بيبلوس بضعة قرون سابقة. استخدام وسك النقود المعدنية، والتي ظهرت أيضا في ذلك العهد، أعطى الفرصة لنحت الحروف الأولى من أسماء الملوك أو أسماء المدن.
مع وصول الاسكندر المقدوني واحتلال المدن الفينيقية، حلت اللغة اليونانية كلغة مكتوبة على حساب الأبجدية الفينيقية. لكن عدد قليل من المكتوبات النادرة تشهد على استمرار استخدام الفينيقية حتى القرن الثاني والثالث ما بعد الميلاد للحفاظ على انتمائهم وهويتهم وواصلوا نقش أسماء مدنهم على عملاتهم(5).

انتشار الأبجدية الفينيقية

منذ القرن العاشر قبل الميلاد، اعتمدت الشعوب المجاورة الأبجدية الفينيقية لنقوشهم ولكتابتهم الخاصة. الآراميين والعبريين، وسكان شرق الأردن طوروا هذه الأبجدية وكيفوها ليصبح لديها أشكال محلية متميزة. الكتابة الآرامية، المستخدمة من قبل السفارة الآشورية إلى جانب الأكاديين ، تم بثها ونشرها،في وقت لاحق، من قبل الفرس في جميع أنحاء غرب إمبراطورتيهم وفي مصر وساحل الأناضول حتى بلاد بابل. وشكلت خلال عدة قرون، اللغة المشتركة في الشرق الأوسط، قبل أن تحل محلها اللغة العربية مع الفتح الإسلامي.
تطور وانتشار هذه الكتابة في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط ارتبط وبشكل مميز مع النشاط التجاري والملاحة الفينيقيين الذين جابوا البحار والمضايق للبحث عن أسواق جديدة لمنتجاتها. فوجدت الكثير من النقوش الفينيقية في جميع البلدان وأنحاء البحر الأبيض المتوسط، وذلك منذ القرن التاسع قبل الميلاد خاصة في قبرص وعلى المعالم الأثرية في حلب. وبعدها من القرن الثامن في الأناضول وسردينيا، وبلاد ما بين النهرين، في اليونان، إيطاليا، مصر، إسبانيا حتى ما بعد اعمدة هرقل...

اهم واكبر فعل في انتشار هذه الأبجدية يعود إلى قدموس حين نقلها إلى الإغريق. بعد أن فقدوا القدرة على استخدام الكتابة مع اختفاء الحضارة المسنية في أوائل القرن الثاني عشر قبل الميلاد، اعتمد اليونانيين الأبجدية الفينيقية. وكالعديد من الشعوب، حسنوها وادخلوا عليها بعض حروف العلة لتأقلمها مع الحاجة المحلية. لذا يمكننا القول أن الأبجدية اليونانية تعتبر أول أبجدية كاملة (الحروف الساكنة والمتحركة). في وقت لاحق، نقل الأتروسكان هذه الأبجدية إلى الرومان الذين حققوا بعض التعديلات لتتناسب بشكل أفضل، مما أعطى الأبجدية اللاتينية الحالية، التي استخدمها الأوروبيون ومن بعدهم على نطاق واسع في العالم.

كيف تعمل الطاقة الشمسية؟ ولماذا يحتاجها العالم؟

كيف تعمل الطاقة الشمسية؟ ولماذا يحتاجها العالم؟ أصبح   الطلب على الطاقة   في العالم ينمو بسرعة، بسبب الانفجار السكاني والتقدم التكنولوجي...