(حكاية كورونية)
قبل تسع سنوات وفي مثل هذه الأيام وصل إلينا
ما يسمى( بالربيع العربي) بعد أن نسم هواءه الملوث على دول عربية وملأها غباراً
ودخاناً وناراً فهو ليس ربيعاً ولا حتى شتاءً انه زلزالاً مدمراً. في بداية الأمر
لم نستوعب ما يحدث ولم نصدق ما يجري ولكن بعد مضي بعض الوقت فهمنا وصدقنا وعرفنا بأنها
مؤامرة كبيرة وبدأنا بالتصدي والمقاومة كل على طريقته وحسب إمكانياته.
لم يسلم مكان ولا إنسان والجميع دفع ثمن
الحرب كم من بيوت تهدمت وكم من أسر شردت وكم من شباب استشهدوا لم يسلم بشر ولا
حجر ولا حتى الشجر.
سوريتنا اتشحت كلها بالسواد ولكن بفضل من آمن
بالبلد وضحى وقدم الغالي والرخيص انتصرنا والآن يعيد التاريخ نفسه فبعد الحرب
الكونية على سورية جاءتنا الحرب الكورونية.
بلاد العالم كلها مصابة والوباء وصل إلى
سورية بنسبة قليلة حتى الآن. طبعا في البداية سخرنا من الأمر وأخذناه بروح الدعابة
المعروفة عند الشعب السوري ولكن الموضوع يحتاج إلى جدية ووعي وكانت القرارات
الحكومية بالمرصاد للوباء وعلينا احترامها والتقيد بها كي نخرج من هذا البلاء ومثل
أي موضوع في الحياة له جانبين سلبي وايجابي ولكي نكون متفائلين علينا أن نفكر
بايجابية ونسأل ماهي العبرة مما يجري؟ معظم
البيوت مفككة فأهل البيت الواحد تحت سقف واحد جسديا ولكن عقليا ونفسيا وعاطفيا كل
لوحده في عالمه الافتراضي لا تفاهم لا ترابط ولا احترام للأسف لعل الكورونا تقربهم
من بعضهم وتعيد المحبة إلى القلوب. شبابنا يضيع وقته في المقاهي والشوارع نرجو أن
تعيدهم الكورونا من خلال بقائهم في البيوت إلى القراءة وممارسة الهوايات والى
العبادة. هذا الحجر الصحي الذي نعيشه كم من مدينة وحي عاشوه وكان حجرا قسريا تحت
الحصار والإرهاب طبعا تألمنا لحالهم ربما الآن نشعر بمعاناتهم وصبرهم وصمودهم.
ولعل الكورونا أيضا تذكر الأغنياء بالفقراء
من أبناء البلد وربما من الأقارب(الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) فيعود
التكافل الاجتماعي الذي غاب عن مجتمعاتنا.
انه درس مفيد فربما الكورونا تذكرنا بعاداتنا
العربية الأصيلة التي افتقدناها في زمن العولمة وأخيرا وليس أخرا علينا بالالتزام
والصبر والإيمان
رب العالمين يبلي ويعين ونرجو من الله دوام
الصحة.
بقلم:سوريا