الخميس، 2 أبريل 2020

تعريف الإدارة العامة ونشأتها قديما ومراحل تطورها حديثا

تعريف الإدارة العامة ونشأتها قديما ومراحل تطورها حديثا




مفهوم الإدارة:
تقتضى الحاجة العلمية لأي موضوع من الموضوعات العناية بتحديد مسميات الألفاظ والمفاهيم المستخدمة، وللإدارة معنيان: أحدهما لغوي ، والآخر فني اصطلاحي
معنى الإدارة Administration في اللغة:
تقديم الخدمة للغير ، وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية minister tad المكونة من مقطعين ، أي تقديم العون للآخرين.
كما تعني الترتيب والتنظيم الخاص الذي يحقق أهدافاً معينة، كما تعني الإدارة النظام أو الانتظام ، فالإدارة الناجحة سر نجاح الدول في كل مكان وزمان ، وما سادت الحضارات إلا بالإدارة فكرا وتطبيقا، وما بادت إلا بالفوضى، وهذا نقيض للإدارة لأن الإدارة تعني النظام أو الانتظام.
معنى الإدارة في الاصطلاح فني:
تعريف الإدارة من الأمور التي ليس هناك إجماع على تحديدها، ويتضح ذلك من خلال استعراض عدد من التعريفات ، ذلك لأن الإدارة من العلوم الاجتماعية ، ولأن مفهومها واسع ، ولأنها ليست مجرد مصطلح ، وإنما هي علم له أهميته ، وذو ارتباط بنظام المؤسسة ككل في جوانبه المختلفة ليشمل أهدافها ، وفلسفتها، والعاملين فيها، وطرق العمل المتبعة، والإشراف على الأنشطة، والفعاليات ، وتوطيد العلاقات بين المؤسسة والبيئة المحلية.
واستناداً لهذا العرض المجمل لطبيعة مفهوم الإدارة ، يتم عرض عدداً محدداً من التعريف العام لهذا المفهوم.
حيث عرف فينفر في كتابه” التنظيم الإداري” الإدارة بأنها: تنظيم وتوجيه الموارد البشرية والمادية لتحقيق أهداف مرغوبة.
ويتفق مدني علاقي في كتابه “الإدارة : دراسة تحليلية للوظائف والقرارات ” مع فينفر، وقد عرف الإدارة بأنها: العملية الخاصة بتنسيق وتوحيد جهود العناصر المادية والبشرية في المنظمة من مواد وعدة ومعدات وأفراد وأموال عن طريق تخطيط وتنظيم وتوجيه ومراقبة هذه الجهود من أجل تحقيق الأهداف النهائية للمنظمة.
كما عرفها بيرس بوراب على أنها: الوسيلة لإيجاد التعاون المستمر الذي يؤدي إلى تحقيق الأهداف.
في حين ركز كل تيد ، وسيد الهواري في تعريفهما للإدارة على أهمية العنصر البشري ، حيث يرى تيد أن الإدارة هي عملية تكامل الجهود الإنسانية في الوصول إلى هدف مشترك ، ويرى سيد الهواري في كتابه ” الإدارة العامة ” أن ألإدارة عبارة عن تنفيذ الأعمال بواسطة آخرين عن طريق تنفيذ وتنظيم وتوجيه ومراقبة مجهوداتهم.
بينا نظر البعض إلى ألإدارة من خلال العمليات الإجرائية التي تمر بها ، فهي تعني تحديد الأهداف كخطوة أولى، يترتب عليها تحديد الوظائف التي تحقق الأهداف.
أما محمود عساف فيعرفها في كتابه ” الأصول الإدارية” ـ مسترشدا بقوله تعالى ” نحن قسمنا معيشتهم بينهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا”ـ إن الإدارة هي : الهيمنة على آخرين لجعلهم يعملون بكفاءة تحقيقا لهدف منشود.
ونخلص من التعاريف السابقة إلى أن هناك مجموعة اعتبارات هامة تفسر حقيقة معنى الإدارة ، وهذه الاعتبارات هي :ـ
1- إن النشاط الإداري هو نشاط متميز، يختلف عن نظائره من الأنشطة المختلفة الأخرى.
2- إن النشاط الإداري ينصب إجمالا وتفصيلا على النشاطات الجماعية لا الفردية.
3- إن العناصر الرئيسية للعملية الإدارية علميا تشتمل على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
4- إن الإدارة ما هي إلا وسيلة وأداة علمية يستطيع بها ومن خلالها أن يحقق المسئولون الأغراض المستهدفة المحددة.
ومن خلال استعراض المفاهيم السابقة والاعتبارات المستخلصة منها، يمكن وضع تعريفاً إجرائياً للإدارة:
جملة عمليات وظيفية تشمل التخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ـ الرقابةـ تمارس بغرض تنفيذ مهام بواسطة آخرين من أجل تحقيق أهداف منظمة”
وبعد أن تعرفنا على مفهوم الإدارة بشكل مجمل نأتى إلى التعريف بالإدارة العامة التي هي أساس بحثنا هذا وسوف نعرض مفهوم الإدارة العامة ومراحل تطورها التاريخي والمدارس التي نشأت فيها والنظريات التى عقبت الثورة العالمية للإدارة العامة مما خلقت لنا بما يسمى الإدارة العامة الحديثة أو الجديدة .
الإدارة العامة :
يقصد بالإدارة العامة Public administration جميع العمليات أو النشاطات الحكومية التي تهدف إلى تنفيذ السياسة العامة للدولة. فهي موضوع متخصص من الموضوع الأكثر شمولاً وهو «الإدارة»، والإدارة هي تنفيذ الأعمال باستخدام الجهود البشرية والوسائل المادية استخداماً يعتمد التخطيط والتنظيم والتوجيه، وفق منظومة موحدة تستخدم الرقابة والتغذية الراجعة في تصحيح مساراتها، وترمي إلى تحقيق الأهداف بكفاية وفعالية عاليتين. وتفيد في ذلك من العلوم النظرية والتطبيقية، وحين تتعلق هذه الأعمال بتنفيذ السياسة العامة للدولة تسمى الإدارة «إدارة عامة».
فالإدارة العامة تشمل كل هيئة عامة، مركزية أو محلية أوكلت إليها السلطة السياسية وظيفة تلبية الحاجات العامة، على اختلاف صورها، وزودتها بالوسائل اللازمة لذلك، وتشمل أيضاً أسلوب عمل هذه الهيئات وطابع علاقاتها فيما بينها وعلاقاتها بالأفراد.
ولقد تطور مفهوم الإدارة العامة بتطور المجتمعات وتقدمها وبتطور وظيفة الدولة الحديثة وتحقق هذا التطور بتأثير عوامل متعددة منها: متطلبات التقدم الاقتصادي، والأزمات الاقتصادية وانتشار الأفكار الاشتراكية وظهور النظم السياسية الاشتراكية، مما جعل الدولة محركاً أساسياً للتطور الاقتصادي والاجتماعي ومسؤولة عن تحقيق العدالة الاجتماعية واستمتاع الجماهير بثمرات هذا التطور والتقدم.
وتجلى هذا التطور، على الصعيد الإداري، بإضافة أعباء جديدة تنهض بها الدولة، فضلاً عن الأعباء التقليدية السابقة،مما دعا إلى إحداث أجهزة إدارة جديدة أو تطوير الإدارات القائمة والوسائل التي تستخدمها وانعكس ذلك على نطاق تدخل الإدارة العامة، فلم يعد دورها يقتصر على تنفيذ السياسة العامة للدولة وتحقيق أهدافها بل اتسع نطاق تدخلها أيضاً ليشمل المجال التشريعي.وذلك عن طريق إشراكها في رسم السياسة العامة للدولة في كثير من المجالات والنشاطات العامة والخاصة ولاسيما الاقتصادية منها.
طبيعة الإدارة العامة :
اختلف باحثي علم الإدارة حول طبيعة الإدارة العامة ، أي ماهية وجوهر وكيان الإدارة العامة ، هل هي علم ؟ أم فن ؟ ويعود سبب ذلك إلى أن الإدارة قد نشأت في بداية أمرها مستندة إلى الخبرات والمهارات الخاصة بالأشخاص أكثر من إعتمادها على المبادئ والحقائق العلمية .
فهل الإدارة علم بالمعنى الذي توصف به العلوم التطبيقية ؟ أي تتميز بخصائص ثابتة يمكن قياسها أو التنبؤ بها ؟ أم أن الإدارة فن له خصائص مثل المهارة والإبتكار والإبداع ، ومن ثم تتدخل فيه درجة الذكاء والموهبة والإلهام ؟؟ أم أن الإدارة ليست علماً فحسب ، وليست فناً فحسب ، وليست فناً وعلماُ ، وإنما هي شيءآخر يمكن أن نطلق عليه فلسفة ، على أساس أنها مزيج مجموعة من العلوم والعناصر مثل القيادة والإستراتيجية والإدارة ، … .
ولكن ما أجمع عليه معظم علماء الإدارة بالقول أن طبيعة الإدارة تجمع بين العلم والفن ، فهي علم عندما تعتمد على خطط البحث العلمي في كثير من مجالاتها ، وفن لأنها تحتاج إلى الذكاء والإلهام وسعة الأفق عند الحديث عن الرؤية المستقبلية .
وبعد أن تطرقنا لمفهوم الإدارة العامة وطبيعتها ونظرنا سريعاً على تطورها التاريخى سوف نقوم بالبحث في نشأة الفكر الإداري تاريخياً
نشأة الفكر الإدارى :
عرفت الإدارة منذ وجدت المجتمعات الإنسانية ، ذلك أن الإنسان منذ وجد على هذه الأرض فرضت عليه ظروف الحياة أن يعيش مع غيره ، ولا يستطيع أن يعيش في عزله ، لذا أخذ يتعاون وينسق الجهود مع الآخرين لتوفير مطالب الحياة.
وتظهر العمليات الإدارية في أبسط صورها في الأسرة بحكم تكوينها وطبيعة الروابط التي تربط بين أعضائها ، حيث تبرز في إطار النظام الأسري كثير من العمليات الإدارية التي يهتم بدارستها علماء الإدارة المتخصصين كتقسيم العمل ، التخصص ، توزيع الأدوار ، القيادة ، التشاور ، الضبط، وقد أكد مارشل ديموك في كتابه : ” تاريخ الإدارة العامة” على أن الإدارة قديمة قدم الحضارات الإنسانية ، حيث كانت موضع اهتمام الحضارات القديمة المصرية ، والإغريقية ، والصينية ، تدل على ذلك السجلات القديمة التي أمكن العثور عليها وقد كان ذلك الاهتمام نابعا من إدراك الإنسان أن الإدارة عنصر أساس ، وموجه رئيس في كافة شؤؤن الحياة
الإدارة في الحضارة القديمة:
لقد كان لمصر القديمة نصيب كبير في بزوغ العمليات الإدارية المعروفة في الوقت الحالي ، وفي ظهور الفكر الإداري والتنظيمي الذي مازال يعتبر معينا لا ينضب لكثير من النظريات الإدارية المعاصرة ، فالمجتمع المصري الفرعوني كان على جانب كبير من التنظيم الهرمي الذي هو رمز التنظيم الإداري على مر الزمن ، ففي قمة الهرم فرعون ملك مصر ، وتحت هذه القمة كان ينتظم في تسلسل تنازلي أخذ في الاتساع النبلاء ثم كبار موظفي الدولة ثم الكتاب والحرفين ثم العمال غير المهرة ثم الفلاحون. وهناك ثلاثة أقسام لإدارة شئون الدولة ، أولها لإدارة الشئون المدنية ، وكان يشرف عليها الوزير ، والثاني مخصص لإدارة شئون المعابد الدينية ، يشرف عليها كبار رجال الدين ، وقسم لإدارة شئون الحرب والجيش .
كما كان اهتمام مصر القديمة باختيار أفضل العناصر الإدارية لتوجيه دفة حياة المجتمع في جميع الظروف.
أما الصين القديمة فقد عرفت أقدم نظام في التاريخ لشغل الوظائف العامة على أساس عقد اختبارات للمتقدمين لدخول الخدمة واختيار الأصلح من بينهم.
الإدارة في الحضارة الغربية :
ورثت الحضارة الغربية ضمن ما ورثت عن الحاضرات القديمة المعرفة بأصول الإدارة وعملياتها ، ولكنها لم تقف عند هذا الحد ، بل اجتهدت في بلورة الأفكار الإدارية القديمة وصقلها ، وعملت على ضم البعض منها وصياغتها في نظريات جديدة كان لها أثر كبير في دفع الفكر الإداري ، ولم يكن الفكر الإداري الغربي في بدايته مهتما بنفس القيم والأخلاقيات التي شغلت الفكر الإداري في العصور السابقة بقدر اهتمامه بالقيم المادية التي سيطرت على الفكر والحضارة الغربية بوجه عام ، وكان لعلماء الإدارة في غرب أوروبا وأمريكا دور بارز في تنشيط الفكر الإداري وفلسفته ، فظهرت الإدارة كعلم له أصوله وقوانينه ومبادئه ونظرياته في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، حيث وضع العالم ماكس فيبر نظريته ” البيروقراطية في صورتها المثالية ، ثم تلى ذلك دراسات العالم الأمريكي فرديك تايلور عن الإدارة العلمية ، وفي أثناء تلك الفترة الزمنية ظهرت دراسات العالم الفرنسي هنري فايول ، ومن ثم ظهرت دراسات عرفت حينذاك بالمدرسة السلوكية ، ومن أبرز روادها جورج التون مايو ، وكانت تلك الفترة حافلة بالدراسات على مستوى الإدارة بوجه عام ، والإدارة العامة على وجه الخصوص ، حيث ظهر الاهتمام بعلم النفس الإداري ، ويبدو ذلك واضحا في دراسات ماسلو واتجاهات هيرزبرج ، وكونت هذه الدراسات ما يسمى بمدارس الفكر الإداري .
ومن الأسباب التي أدت إلى ظهور علم الإدارة وتطوره هي :
1- التطور التكنولوجي الحديث.
2- الثورة الصناعية : إذ كانت معظم محاولات المؤسسات الصناعية سواء في أمريكا أو أوروبا تهدف إلى إيجاد أساليب متطورة لزيادة الإنتاجية مع تخفيض التكلفة ، حيث نجد أن لكبار المستشارين في المؤسسات والشركات الدور الأساسي في وضع قواعد أساسية لتلك الوسائل التي تعتبر النواة للإدارة .
3- زيادة مجال النشاطات البشرية واتساعها.
4- الاتجاه نحو مزيد من التخصص والتنوع في المجتمعات الحديث
مدارس الفكر الإداري :
تبنت بعض الدراسات تصنيف مدارس الإدارة في مدارس ثلاث هي: المدرسة التقليدية، ومدرسة العلاقات الإنسانية، والمدرسة السلوكية، بينما دمجت دراسات أخرى المدرستين الأخيرتين في مدرسة واحدة باسم المدرسة السلوكية تارة وباسم مدرسة العلاقات الإنسانية تارة أخرى، واستحدثت دراسات أخرى مدارس مستقلة كمدرسة الموارد البشرية، ومدرسة النظم، ومدرسة اتخاذ القرارات.
ومن خلال الاطلاع على كثير من الدراسات والبحوث للوقوف على تصنيف يحمل في ثناياه مقومات التصنيف الجيد، تبيَّن أن التصنيف الذي أورده كل من بيندور وروجرز (Pindur & Rogers) في دراسة لهما بعنوان تاريخ الإدارة (The History of Management) هو التصنيف الأمثل بعد إجراء بعض التعديلات عليه والإضافات بحيث يشمل التصنيف مدارس خمس هي: المدرسة التقليدية، ومدرسة العلاقات الإنسانية، والمدرسة السلوكية، والمدرسة الكمية، والمدرسة الحديثة. وفيما يلي عرض موجز لكل مدرسة من هذه المدارس:
1- المدرسة التقليدية :-
ظهرت المدرسة التقليدية آواخر القرن التاسع عشر ، وجاءت متأثرة إلى حد كبير بنتائج بعض الدراسات التي تمت في مجال إدارة الأعمال بالدرجة الأولى ، إضافة إلى مساهمات بعض علماء الاجتماع وعلم الإدارة العامة.
ولهذه المدرسة عدد من الرواد ينتمون إلى بلدان مختلفة أبرزهم الأمريكي (فريدريك تايلور) رائد نظرية الإدارة العلمية، والفرنسي (هنري فايول) رائد نظرية الإدارة العامة، والألماني (ماكس فيبر) رائد نظرية البيروقراطية.
ومع التباعد الجغرافي بين الرواد الثلاثة، واختلاف السياق الثقافي، إلا أن أطروحاتهم اتسمت بوجود قدر كبير من القواسم المشتركة، لذا اتفق الباحثون في علم الإدارة على إطلاق اسم المدرسة التقليدية تعبيراً عن تلك الجهود، ومظلة لإسهامات الرواد الثلاثة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه بالرغم من وجود قواسم مشتركة بين رواد كل نظرية إلا أن هذا لا يعني عدم وجود الاختلاف والتباين في بعض النقاط الثانوية.
نظرية الإدارة العلمية:
يعد المهندس الأمريكي فريدريك تايلور رائد نظرية الإدارة العلمية (1856-1915)، حيث دعا فيه إلى تبني الطريقة العلمية في الإدارة عوضاً عن الطريقة العشوائية أو الحدسية، كما أشار إلى أن جهد العاملين في المنظمة مرهون بقدراتهم الجسمية، لذا ينبغي أن تولي الإدارة اهتماماً بحسن اختيار العاملين وتدريبهم، وكان يؤمن – تايلور -بأن المحفز الحقيقي للأفراد هو العامل الاقتصادي هذا بالإضافة إلى قناعته بأن العاملين بحاجة مستمرة إلى الإشراف والرقابة الصارمة لضمان عدم تقاعسهم في تطبيق الأسلوب العلمي في العمل.
مما سبق يتبين أن حركة الإدارة العلمية انطلقت من افتراضات تشاؤمية فيما يتعلق بنظرتها للإنسان حيث تنظر للإنسان بأنه كسول بطبعه وأن حافزه للعمل مادي وأنه غير قادر على تحمل المسؤولية .
نظرية البيروقراطية:
وهنا علينا أن نتعرف أولاً على مفهوم البيروقراطية من حيث نشأتها وطبيعتها فى مجال الإدارة بصفة عامة وعلاقتها بالإدارة العامة بصفة خاصة .
ماهى البيروقراطية:
كلمة البيروقراطية مشتقة من كلمتين لاتينية وإغريقية الأولى (Bureau) وتعني المكتب، والثانية (cracy) وتعني القوة أو السلطة أو الحكم، ومن ثم فالمقصود بالبيروقراطية هو حكم المكتب أو سلطة المكتب،
و قد عرفت دائرة المعارف البريطانية البيروقراطية العمل المكتبي الذي يتسم بدرجة عالية من التركيز ويسطر
علية مجموعة من الإجراءات والقواعد الرسمية

أما التعريف العلمي للبيروقراطية فانه غير محدد ومنها :-
Bureaucracy:هي مفهوم يستخدم في علم الاجتماع يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المنظمة. وتعتمد هذه الأنظمة على الاجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية والعلاقات الشخصية. وهنالك العديد من الامثلة على البيروقراطية المستخدمة يومياً: الحكومات، القوات المسلحة، الشركات، المستشفيات، المحاكم، والمدارس.
-فكتور تومسيس عرف البيروقراطية على أنها نظام دقيق لتسلسل السلطة وتقسيم العمل.
-البيروقراطية( بحسب نظر ويبر) هي الماكنة التكنولوجية للمجتمع الذي انتقل إلى مرحلة تاريخية مختلفة مع عصر التصنيع. كما عبر ويبر عن البيروقراطية بالقفص الحديد الذي يكبر مع تطور المجتمع الحديث.
البيروقراطية أيضا : مجموعة الإجراءات المطولة والملزمة حرفياً باللوائح والقوانين بحيث تنعدم اعتبارات العاطفة والاتصال الشخصي يتحول الاهتمام إلى التركيز على المسائل المادية في العمل .
نشأة البيروقراطية:
ولدت البيروقراطية مع نشوء الدولة الحديثة المعززة بجيش ضخم من الموظفين ورجال الإدارة ذوي الاختصاص بالمهام الموكلة إليهم، أو سياسيين، كانوا شريحة مؤثرة ذات نفوذ في الدولة وقراراتها السياسية، معبرين بذلك عن تحقيق مكاسب خاصة، أو توجيه السياسة العامة، وتلك السلطة والقوة تمارس على المواطنين.
لقد توطدت البيروقراطية أكثر منذ نهاية عصر النهضة في أوربا، حيث ظهرت تحولات سياسية واجتماعية وتقنية، ومع تحولات القرن التاسع عشر، وخصوصا ظهور الفكر الليبرالي والثورة الصناعية، ركزت البيروقراطية وجودها، وارتبطت فكرتها بالأساس بالتنظيم الإداري، أي سلطة وحكم المكاتب، ولم يثر ذلك أي إشكالية لحاجة الدولة إلى أجهزة ومؤسسات لإدارة دواليبها.
لكن البيروقراطية أصبحت مشكلة، وأهم موضوعات علم الاجتماع السياسي عندما طرحت التساؤلات حولها في المجتمع الذي يكون فيه الشعب هو صاحب القرار، لذلك لا نجد غرابة في أن يكون كارل ماركس من أوائل من وجه النقد للبيروقراطية مبينا أنها تعبير وتجسيد للدولة البرجوازية، وهو يشدد الذكر على هيغل الذي يرى أن الدولة تمثل التعبير النهائي عن المصالح العامة، ويرى ماركس أن هناك انفصالا بين الدولة والمجتمع، وإن أجهزة الدولة- البيروقراطية لا تمثل المجتمع، كما أن البيروقراطية كتجسيد للمصلحة العامة تقابل المصلحة الشخصية للأفراد، هو تعارض وهمي يستخدمه البيروقراطيون لخدمة أوضاعهم الشخصية.
نظرية البيروقراطية الإدارية ورائدها :-
هي إحدى النظريات الإدارية الكلاسيكية، يعد ماكس فايبر رائداً لها. و قد عرف فايبر البيروقراطية بأنها: مجموعة من الأسس الإدارية التي تخرج السياسة العامة للمؤسسة إلى حيز الواقع و تضعها موضع التنفيذ
الصحيح لتحقيق الأهداف.
يعتبر فيبر منظرا لها و هو من أصل ألماني كان راهبا متينا بروتستانيا درس جميع الأديان بلغ اعتزازه بالبروتستانية إلى حد جعله يراها خلف نجاح الرأسمالية في الغرب لدلك صاغ منها التنظيم المكتبي.
النظام البيروقراطي:-
ويعتبر ماكس فيبر أشهر علماء هذه المدرسة، قد اتخذ هذا الاتجاه من خلال ملاحظته لسوء استخدام المديرين لسلطاتهم، وعدم الاتساق في أسلوب الإدارة لعدم وجود قواعد حاكمة للسلوك.
ومن الجدير بالذكر أن مبادئ البيروقراطية في ذاتها ليس فيها ما يعيبها، إلا أنه عند تطبيقها تجد العاملين يهابون من أي تصرف نظراً للخوف من عدم وجود قاعدة أو إجراء تسمح بهذا التصرف مما قد يوقعهم في العقوبة.
ولذلك فالبيروقراطية الزائدة تؤدي إلى قتل روح الإبداع والابتكار؛ إذ يصير الهم الأكبر هو الالتزام بالقواعد والإجراءات فقط, دون النظر إلى التجديد والابتكار ورفع الكفاءة وزيادة الفاعلية
خصائص النموذج البيروقراطي:-
1- تقسيم العمل على أساس وظيفي واضح، قائم على مبدأ التخصص وليس العلاقات.
2- التدرج الهرمي، بتقسيم المنظمة إلى عدة مستويات، وخضوع المستوى الأدنى لإشراف وتوجيه المستوى الأعلى.
3- سيادة العلاقات الرسمية بين الأعضاء وتنحية الاجتماعية.
4- وجود قواعد وإجراءات رسمية مكتوبة للعمل، دون النظر في العاملين.
5- المكتب ليس ملكًا لصاحبه.
6- اعتماد الوظائف على الجدارة.
7- الفصل التام بين ممتلكات المنظمة والمنظمات الشخصية.
سلبيات النموذج البيروقراطي:-
1- تحويل الموظف إلى المسلكية والنمطية، صحيح أنها تساعد الفرد على التنبؤ بالمستقبل، إلاّ أنها تصنع منه ضمن إطارها الميكانيكي فردًا مهمًا وبعيدًا عن البحث في سبيل التغيير نحو الأحسن.
2- تجعل من الموظف البيروقراطي مقاومًا للتغيير وإن كان تغييراً وظيفاً؛ لأنه أصبح متقناً لهذه المهارة حدالتلقائية.
3- تجاهلها لدور الفرد في التنظيم، ومعاملته كآلة.
4- عدم أخذ البيروقراطية بالتنظيم غير الرسمي، وإن كان مهمًا في إنجاح التنظيم الرسمي.
5- عدم امتلاك البيروقراطية الوسائل الكافية لحل الخلافات والنزاعات.
6- غالبًا ما يتحول النموذ البيروقراطي إلى مجتمع مغلق.
من مساوئ البيروقراطية أيضا:ً
انظمه متصلبة أي أنها لا تتقبل الأفكار الحديثة بسهوله بل يتطلب ذالك أحيانا فترات زمنيه طويلة .
حماية الصلاحيات لان الإداريين يهتمون بتوسيع مدى صلاحياتهم ولا يهتموا بالقضايا المتعلقة بإنتاجية العمال .
بطء صنع القرار وذا لايتفق مع مبدأ مهم من مبادي الاداره والذي ينص على أن الوقت مال .
لايتلائم هذا النمط الاداري مع المتغيرات المتلاحقة .
لايتلائم مع القيم الحرفيه عالية التأهيل.
البيروقراطية والإدارة العامة : –
يتفق علماء الإدارة والاجتماع والسياسة بصفه عامة على ان نظم السلطة العامة مهما بلغت من الضروري إن تكون لها بنية للإدارة العامة تتفق ومعايير البيروقراطية فطبيعة أنشطة السلطة العامة تستلزم وجود منظمات إدارية كبيرة لها طابع بيروقراطي يتميز بوجود ترتيبات هيكلية داخليه محددة ووجود تخصص وظيفي مصمم تصميما واضحا ووجود أنماط ومستويات محددة للتأهيل للانضمام إلى عضويه المنظمة البيروقراطية.
و لايعني هذا بأى حال أن هناك توحيد كامل حتى في الخصائص الهيكلية ولكنهه يعني فقط أن الأسس افلتي تقوم عليها كل البيروقراطية ذات الطابع العام واحدة.
أما الخصائص التشغيلية (مجموعة الأساليب والنظم العملية) فلا بد وإنها سوف تتباين أو تختلف باختلاف الظروف السياسية و الاجتماعية والاقتصادية التي تعمل فيها المنظمات البيروقراطية العامة أو الإطار البياني الذي تعمل فيه وتتفاعل معها.
نظرية الإدارة العامة:
ظهرت هذه النظرية في فرنسا على يد المهندس الفرنسي هنري فايول( Henri Fayol) الذي عاش في الفترة من (1841-1925م)، وقد تم اشتقاق اسم النظرية من المؤلف الشهير الذي قدمه فايول بعنوان الإدارة العامة والصناعية (General and Industrial Management ) وبينما أنصب اهتمام تايلور على الإدارة الصناعية في مستوياتها التنفيذية (العاملين وخطوط الإنتاج)، فقد انصب اهتمام فايول على الإدارة في مستوياتها العليا. وقد صنف فايول الأنشطة التي تقوم بها المنظمة إلى ستة أقسام هي: (أنشطة فنية ،أنشطة تجارية ،أنشطة مالية ،أنشطة أمنية ،أنشطة محاسبية ،أنشطة إدارية ) وقد ركز فايول على النشاط الإداري وقسمه إلى خمس وظائف إدارية هي )التخطيط ، التنظيم ،التوجيه، الرقابة، التنسيق)
المدرسة التقليدية الحديثة ( حركة العلاقات الإنسانية )
من خلال التجارب التي أجراها فريق الباحثين الذي يقودهم مايو روثلبرج عام 1937 في صنع هاوثورن التابع لشركة ويسترن إلكتريك بولاية شيكاغو تبين لفريق الباحثين أن أداء العاملين يعتمد على عوامل أخرى غير معدلات الأجور وغير الظروف المادية .
إن تجارب الهاوثورن كانت بمثابة نقطة تحول في الإدارة وفي تحليل السلوك الإنساني ، كما أنها أصبحت الأساس لما يسمى بعد ذلك بحركة العلاقات الإنسانية .
لقد أدرك كتّاب الإدارة أن السلوك الإنساني معقد ويمثل طاقة محركة في العمل ، وأن العمال ليسوا مجرد معطيات في نظام المنشأة ، بل لهم حاجات ورغبات يجب على المنظمة النظر إليها بعين الإعتبار .
لذلك ركزت المدرسة التقليدية الحديثة على التنظيم من ناحية العوامل الإجتماعية والنفسية ، كما أخذت بعين الإعتبار أثر وأهمية التنظيمات غير الرسمية الموجودة ضمن التنظيم ، ونظرت إلى الفرد بتكوينه العاطفي والإجتماعي والنفسي وما يحمله من قيم وآراء ومعتقدات وأفكار وطموحات ونزعات إنسانية ، وهي التي أظهرت أهمية الفرد كعنصر رئيسي في تنظيم وليس كأداة إنتاجية أو آلة مجردة من الحس والشعور والعواطف والأفكار والاحتياجات.
وقد قدم العالم ماكروجر نظرية سماها نظرية X , Y حيث X هي وجهة النظر التقليدية أي النظرية الكلاسيكية التي تنظر إلى العلاقات التنظيمية في العمل نظرة فردية تنحصر في أداء الفرد لواجباته وهي مخالفة للواقع ، بينما Y هي وجهة النظر الإنسانية للعلاقات المتكاملة بين أهداف الفرد وأهداف التنظيم ، لأن العلاقة التنظيمية تلامس مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية لأعضاء التنظيم
النظريات التنظيمية الحديثة :
بعد الحرب العالمية الثانية والتقدم التكنولوجي الذي أفرزته الحرب تنوعت المنتجات وتحسنت وسائل الاتصالات وتضخمت المنظمات ، مما أدى إلى تعقيد القرارات التي يتعين على المدراء اتخاذها ، وأصبح قادة الأعمال بحاجة إلى أساس جديد أكثر تطوراً في حل مشكلات العمل وإدارة الأعمال ، نتج عن هذه التطورات والتغيرات مدارس ومداخل إدارية جديدة ومعاصرة وهي مدخل النظم ، ومدخل الإحتمالات .
أ – مدخل النظم ( تشرشمان ) : يرى تشرشمان أنه يجب أن ننظر إلى المنظمة بنظرة كلية ، وأن النظام هو أجزاء متداخلة ( المدينة ، المستشفى ، المدرسة ، البنك ، …. ) ، كما يعتقد تشرشمان أن النظر إلى المنظمة كنظام يساعد على معرفة أن الأجزاء المختلفة والأقسام والنظم الفرعية في المؤسسة تمثل أجزاء متداخلة يجب أن تعمل على تحقيق أغراض المنظمة.
فتحديد المستوى الأمثل للمخزون سوف يؤثر على جميع الأقسام الأخرى ، سوف يؤثر على قسم الإنتاج ، وعلى قسم المبيعات ، وعلى قسم التمويل ، …. وهكذا .
ب – مدخل المواقف ( بيرنز وستوكر ) : يرى المدخل الموقفي أن تخصص المنظمة وطريقة الإدارة تتوقف على نوع وطبيعة المهام التي تسعى المنظمة لتحقيقها .
أي أنه يفضل اللجوء إلى المدخل الكلاسيكي إذا ما إتصفت الأعمال بالروتينية ، مثل مصانع الغزل والنسيج ، مصانع السكر ، مصانع الجلود ، …… ، واللجوء إلى المدخل السلوكي في الأنشطة التي تتطلب قدراً من الإبداع والإلتزام مثل مصانع وشركات الألكترونيات ومراكز الأبحاث  

المدرسة السلوكية :
شهدت العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي سلسلة من التغيرات القوية في كل دول العالم ، فبدأت الهجرة من الأرياف إلى المدن ، وزاد إعتماد الأفراد على بعضهم البعض ، وزادت عملية الميكنة ، كما إزدادت درجة التخصص في العمل وكذلك إزدادت درجة التداخل في الأعمال وأصبح الناس يعيشون في عصر النمو السريع ، وبدأت الحكومات في نفس الوقت تتدخل بشكل متزايد في الشؤون الإقتصادية ، كما صدرت في نفس الوقت مجموعة من القوانين التي تحد من الإحتكارات الصناعية الضخمة ، كما إنتشرت أيضاً الحركات الإجتماعية التي تنادي بوضع حد أدنى للأجور ، وتشجع تأسيس إتحادات للتجارة ، وبدأ ينمو في تلك المجتمعات الإتجاهات المضادة للفردية ، وبدأ الناس يتساءلون عما إذا كانت الفلسفة القائمة على الفردية والعمل الشاق وتعظيم الأرباح لاتقبل جدلاً.
فمابين الأعوام 1929 و 1939 حدث كساد كبير في العالم وإرتفعت البطالة بين العمال ، وإنخفضت الدخول وإنهارت الأعمال وهبطت المعنويات ، وظهرت فلسفة إجتماعية جديدة تركز على أهمية الجماعة ، وأن يكون الجميع معاً ، وضرورة التدخل الحكومي
نتيجة الكساد الذي حصل في تلك المجتمعات ظهرت أنشطة جديدة وهي أنشطة البحوث والتطوير ، مما أدت بالتالي إلى خلق منتجات جديدة متنوعة تحتاج إلى وظائف تتمتع بدرجة أكبر من الإبتكار والإستقلالية من جانب العمال .
وقد أجريت في نفس الفترة تجارب على مجموعة من العاملين للتأكد من أن إفتراض الإدارة الكلاسيكية التقليدية الذي يرى أن الظروف المادية المحيطة بالعمل تؤثر على أداء العاملين ، ومن ثم فإن الأداء يتحسن بتحسن ظروف العمل من إضاءة وتهوية ومعدلات الأجور .
أجريت تلك التجارب في مصنع هاوثورن وهومصنع تابع لشركة ويسترن إليكتريك ، وكانت النتائج مخالفة للمتوقع ، فقد تبين أن تحسين أداء العمال يعتمد على عوامل أخرى غير الظروف المادية وغير معدل الأجر.
لقد أدت تلك التجارب إلى إكتشاف أن التعاطف مع العمال والإهتمام بمشاكلهم الشخصية والتعامل معهم كأشخاص لهم كيان وقيمة وتميز وأهمية يعطي حافزاً ودافعاً أكبر للعمال لتحسين أدائهم .
أدت النتائج التي أفرزتها تجارب الهاوثورن إضافة إلى الطلب الجديد للإستقلال والإبتكار من جانب العمال في تلك الفترة إلى منهج سلوكي جديد في الإدارة .
مثلت تلك الفترة أساس لما يعرف بعد ذلك بحركة العلاقات الإنسانية ، وبدأ الكتاب يدركون أن السلوك الإنساني في العمل سلوك معقد ويمثل طاقة محركة عند التعامل معها بصواب ، كما أدرك كتاب الإدارة أن العمال ليسوا مجرد معطيات في نظام المنشأة ، بل لهم حاجات ورغبات يتعين على المنظمة والقائمين عليها أن يلبوها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كيف تعمل الطاقة الشمسية؟ ولماذا يحتاجها العالم؟

كيف تعمل الطاقة الشمسية؟ ولماذا يحتاجها العالم؟ أصبح   الطلب على الطاقة   في العالم ينمو بسرعة، بسبب الانفجار السكاني والتقدم التكنولوجي...